إسماعيل إبراهيم شعبان قرموط، 33 عامًا، متزوج ولدي طفلان، من سكان جباليا البلد

   

27/4/2024 - المركز الفلسطيني لحقوق الانساني

كنت أسكن أنا وأهلي (نحن 5 عائلات قوامنا 24 فردا، منهم 12 طفلا، و6 نساء)، في منزل مكون من 4 طوابق مساحته 300 م2، وشقتي في الطابق الأول مساحتها 190 م2.  ومنذ بداية العدوان على قطاع غزة في 7/10/2023، مكثنا في منزلنا. وفي 19/11/2023، بدأنا نسمع صوت قصف منازل وأراضي، ونسمع أصوات الآليات العسكرية الإسرائيلية دبابات وجرافات قريبة منا.

وفي حوالي الساعة 2:00 فجر 20/11/2023، اتصل جيش الاحتلال الإسرائيلي على أحد الجيران، وأبلغوه بأن يخلي المربع الذي نحن وهو نسكن فيه؛ لأنه سيقوم بقصف منازل ولم يحدد أي منزل. أخذت حقيبتي الكتف وفيها 25 ألف شيكل و5 آلاف دولار، وبعض الأوراق والملابس، وكنا جاهزين مسبقا للنزوح. وأثناء إخلائنا وقعت جدتي المعقدة فاطمة مصطفى قرموط، 88 عاما، على الأرض وجرحت في رجلها فحملناها وأخلينا المنطقة. وقد أصيبت جدتي بالغرغينا في قدمها، وفيما بعد وتوفت، لعدم وجود الرعاية الصحية بسبب العدوان على غزة واستهداف المستشفيات (وعلمت بوفاتها بعد الإفراج عني كما سأوضح لاحقا).

بعد الإخلاء بـ 15 دقيقة، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي الحربية بصاروخين لأنني سمعت صوت انفجارين شديدين. عدنا إلى منازلنا ففوجئت بقصف وتدمير منزل عمي نايف، 60 عاماً، ويقع بجوار منزلنا وتقطنه 9 عائلات قوامهما أكثر من 50 فرداً، أغلبهم من النساء والاطفال، وهو مكون من 5 طوابق على مساحة 350 متر، وبه 10 شقق. وأصبح منزلنا أيضا آيلا للسقوط لا يصلح للسكن، وبعض المنازل أصابتها أضرار بالغة وأخرى جزئية.

في حوالي الساعة 6:00 صباح اليوم نفسه، قررنا التحرك إلى الجنوب عبر ما يسمى الممر الآمن جنوب غزة والذي أنشأه الاحتلال خلال العدوان على قطاع غزة، والذي كان يأمر سكان غزة والشمال التوجه إليه للمرور والذهاب إلى جنوب القطاع. تحركت بسيارتي أنا وأسرتي في حوالي الساعة الثامنة صباحاً إلى الممر الأمن. وقبل وصولي الممر بحوالي 500 متر أوقفت سيارتي من نوع (دايومتيز ذهبي)، في محيط دوار الكويتي ونزلنا منها، وكنت أحمل ابني آدم وعمره عام واحد، وأحمل حقيبة كتف فيها النقود. وتوجهنا باتجاه الممر الآمن وكانت الطريق صعبة ووعرة وبها تلال رملية جراء حفرها وتدميرها من جيش الاحتلال الإسرائيلي. ومع اقترابي من مكان تمركز الجنوب على جانب الحاجز، وأثناء سيري وأنا أرفع هويتي، نادى علي جندي من خلف تلة رملية وأمرني بأن أعطي ابني آدم لأمه (أنسام نايف قرموط، 28 عاما)، والتي كانت خلفي، وأمرني بالسير نحوه. وعندما اقتربت مسافة 4 أمتار، أمرني بقراءة رقم هويتي وبعد أن تأكد من الرقم أمرني بإلقاء الحقيبة التي على كتفي على الأرض فأبلغته بأن بها نقود 25 الف شيكل و5 آلاف دولار، وطلبت منه تحريزها فرفض وأجبرني على إلقائها فألقيتها. وأمرني بالالتفاف خلف تلة رملية وأمرني بخلع ملابسي عاريا تماما، ثم أمرني بارتدائها، وتقدم نحوي وقيد يديّ للخلف بقيد بلاستيكي، وعصب عيني واقتادني إلى تلة رملية أخرى. كان يتواجد هناك اثنان من الجنود، حقق معي أحدهما لدقائق حول أين كنت يوم 7 أكتوبر، وهل أنتمي لحماس أو أي تنظيم فأجبت بالنفي. فقال للجندي الثاني خذه على الطخ. فأخذني الجندي الآخر وألقى بي على الأرض وسحب أجزاء السلاح وأطلق من 6 إلى 7 أعيرة نارية خلف رأسي. أصابتني رجفة شديدة من شدة الخوف، ومن هول الحالة قلت للجندي اقتلني اقتلني، فقام الجندي بركلي بقدميه بالبسطار في أنحاء جسمي ( ظهري جوانبي وفخذي). وبعد حوالي ساعتين تركني وبقيت ملقى على الأرض مقيد ومعصوب العينين، وأنا في حالة صدمة. وكان الجنود كل دقيقتين يأتون بمعتقل ويلقون به بجواري. بعد 4 ساعات حملني جنديان وقذفا بي في جيب (تندر)، من الخلف، وبلغ عددنا 20 معتقلا كان منهم اثنان فوقي. وسار بنا الجيب مسافة ساعة كنا خلالها نتخبط في بعضنا لأن الطريق وعرة وصعبة. سحبني الجنود من الجيب وجردوني من ملابسي بإنزال البنطال، ورفع بلوزتي عن جسمي، وبدأت عملية تعذيب مدتها 7 دقائق كانت صعبة جدا لا تعرف الضرب من أين يأتيك بأعقاب البنادق وأقدامهم والهراوات. وحملني جنديان من قيود يديّ وآخران من قدميّ وأرجحوني إلى الخلف وإلى الأمام بين أيديهم أربع مرات تقريبا ثم صدموا راسي في الجيب ما أدى إلى جرح رأسي وصرت أنزف دما من رأسي. ثم أعادوا البنطال والملابس علي واقتادوني إلى باص. وانا اصعد في الباص كان هناك جنديان أحدهما في الباص أمام السلم يضربني على ساقي ومن الخلف والآخر يضربني على بطة أقدامي من الخلف بعصا حديد. العصا عبارة عن فقرات يطولها ويقصرها حسب الحاجة. لم أعرف هل أتقدم أم أرجع، ثم دفعني إلى الباص. وقبل أن أجلس على كرسي، قام الجندي الذي في داخل الباص بشد القيد على يدي فصرت أصرخ من شدة الألم. وصار الجنود يصعدون المعتقلين الآخرين الذين تعرضوا مثلي للتعذيب، وكان منهم كبار في السن وأطفال بسن حوالي 16 عاما. لم أكن وحدي الذي تعرض للتعذيب (كنت أشاهدهم من تحت العصبة)، كما سمعت معتقلين يقولوا للجنود إن معهم جنسية كندية وبلجيكية إلا أن ذلك كان سببا في زيادة الضرب عليهم. وبعد حوالي 4 ساعات، بعد امتلاء الباص بالمعتقلين (50 معتقلا)، سار الباص مسافة ساعة كنا نتعرض للضرب على رؤوسنا عندما نحاول رفع رؤوسنا أو نتحرك لنريح جسمنا. وتوقف الباص وأنزلونا وأعطوني فرشة رقيقة سمكها 1سم، وبطانية رقيقة، ووضعونا في بركس.  كان البركس مقسوماً لنصفين، يتسع كل منهما لـ 150 معتقلاً، وكانت أرضيته من الأسفلت ومحاطاً بشبك عليه ألواح صفيح ومسقوف بألواح صفيح. أجلسوني على ركبي مقيد اليدين للأمام بقيد بلاستيك ونظري إلى الأرض.

ومنذ اليوم الأول طلبت طبيبا لأنني كنت أعاني من شد عضلي في رقبتي (أعاني منه بشكل مزمن، وازداد من التعذيب)، وخذلان في يدي. وبعد 5 أيام أخذوني للطبيب فأخبرته بما أعاني إلا أنه لم يعطني أي علاج. وبعدها وضعوا حلقة بلاستيك أخرى في يدي اليسرى بها رقم لا أذكره، وطبعا وأنا في طريقي للطبيب وهي مسافة 10 أمتار، تعرضت للضرب بالبسطار والهراوات وهجوم الكلاب في الذهاب والإياب. 

مكثت في البركس 20 يوما خضعت فيها للتحقيق مرتين، الأولى بعد 7 أيام، اقتادوني أنا و6 معتقلين بباص على بعد مسافة 50 مترا في بركس به 3 كرفانات. وقبل دخولي للكرفان تعرضت لخلع ملابسي عاريا، والفحص بآلة كشف المعادن، بعدها أجبروني على ارتداء حفاضة (بمبرز)، ثم ارتديت ملابسي وأعيد تقييد يدي ووضع العصبة على عيني.

أدخلوني إحدى الكرافانات مساحته 2*2 به جنديان، أحدهما يجلس على جهاز حاسوب (كمبيوتر). أجلسوني على كرسي حديد وقيد إحدى يدي خلف الكرسي والأخرى في الكرسي من الأمام وقدماي مقيدة أيضا في أرجل الكرسي ورفع العصبة عن عيني. وبدأ أحدهما، أعتقد أنه ضابط، بالتحقيق معي حول منازل الجيران وأين كنت في 7 أكتوبر وهل تعرف أحد من حماس. وعندما أنكرت معرفتي بشخص من حماس قام بمسكي من وجهي بشدة ثم دفعني. استمر التحقيق حوالي 5 ساعات، ثم أخرجوني في منطقة أرضيتها حصى. وطوال فترة الانتظار للدخول للتحقيق أو بعده يتم شبحي من يدي المقيدتين للأعلى بجسر حديد، وأطراف قدمي تلامس الأرض ببركس الانتظار وبقيت مشبوحا حتى انتهوا من التحقيق مع المعتقلين الآخرين، حيث أعادونا إلى البركس في ساعات المساء.

والتحقيق الثاني كان بعد 5 أيام من التحقيق الأول وكان يدور حول نفس الأسئلة. وتركونا في البركس مدة ثلاث أيام مقيدي اليدين للخلف ومعصوبي الأعين، ملقون على الأرض الحصى. كان الجنود يقومون بإطعامنا كمية قليلة من الطعام (خبزة بلبنة أو مربى)، وكذلك الماء. وأثناء وجودي في البركس شعرت أنني بحاجة لقضاء الحاجة فطلبت من احد المعتقلين بمساعدتي في انزال ملابسي وقضيت حاجتي ثم ساعدني المعتقل بجواري برفع الملابس دون أن انظف نفسي. وكذلك كان المعتقلون يفعلون، كنا نساعد بعضنا في قضاء الحاجة في نفس المكان الذي نحن فيه، والجنود يشاهدونا ويستهزئون، ويضحون علينا. أعادونا إلى البركسات في حوالي الساعة 4:00 مساء اليوم الثالث.

بعد 10 أيام من الاعتقال بدأنا العدد (سفرا) 3 مرات يوميا 5 فجرا والواحد ظهرا و11:30مساء. وخلال ساعات النوم بعد العد كان الجنود يحدثون أصواتا عالية أو يقومون بتشغيل موسيقى عالية الصوت. وعند إيقاظنا يقوم الجنود بالصراخ وضرب ألواح الصفيح فنستيقظ مزعوجين. الفطور كان قطعة خبز بمسحة لبنة والغداء كذلك وأحيانا حبة طماطم او خيارة يشترك فيها 3 معتقلين، والعشاء أيضا قطعة خبز بمسحة لبنة. الحمام تطلب من الشاويش ليأخذك إلى الحمام وبعد نصف ساعة يأتي دورك للحمام، وأنت مقيد اليدين والقدمين ومعصوب العينين ولا يوجد ماء ولا ورق لتنظيف نفسك والشاويش يساعدك في خلع أو ارتداء ملابسك. 

في اليوم الثامن عشر من الاعتقال في حوالي الساعة 5:00 مساء طلب أحد السجناء الذهاب إلى الطبيب لأنه كان يعاني ضيق تنفس جراء أزمة قلبية فرفض الجنود إخراجه للطبيب، وطلبوا من الشاويش أن يقوم بتغطيته. وفي حوالي الساعة 5:00 صباح اليوم التالي وعند العد (سفرا) للمعتقلين لم يقم المعتقل الذي طلب الذهاب للطبيب بالعد فطلبوا من الشاويش إيقاظه فوجده قد فارق الحياة. صرنا حينها نكبر(الله اكبر)، ونصرخ، فدخل عدد من الجنود البركس وقمعونا بإلقاء قنابل صوت، وضربنا بالهراوات، وإدخال الكلاب علينا، واستغرقت عملية القمع نصف ساعة بعدها أخذوا المعتقل المتوفي، ولا نعرف اسمه. 

بعد يومين وفي حوالي الساعة 5:00 فجراً، نادى الجنود على 20 معتقلا كنت أنا منهم، ومن البركس الثاني نادوا ايضا على 20 معتقلاً آخرين وفكوا قيد البلاستيك وقيدوا ايدينا للخلف، وأقدامنا بقيود حديد. أصعدونا في باص سار بنا 10 دقائق وأنزلونا منه ورفعوا العصبة عن عيني وقاموا بتصويري، وأجبروني على تقبيل علم إسرائيل. ثم أعاد الجندي العصبة على عيني وضرب وجهي في جدار فنزفت دما من أنفي. وبدأ الجنود بضربي بعصى حديد وبمقبض من البلاستيك (بومة من البلاستيك المقوى وهي شيء يلبس بين الأصابع ويتم القبض عليها واستخدامها في ضرب اللكمات لتحدث آلاما مبرحة)، وتعرضت للصعق الكهربائي من عصا بيد أحد الجنود. وبعدها ألقوا بي على أرض من الحصى (حصمة)، وسحلوني عليها إلى باص حديد في حديد يطلقون عليه اسم البوسطة ووضعوني فيه والضرب مستمر وأجلسني على كرسي وهو يضربني على راسي بعصا من حديد. أغلقوا الباص طوله 4*2.5 متر يوجد فتحات صغيرة في سقفه فقط، وكان عددنا 20 معتقلا، وقام الجنود بتشغيل هواء ساخن، فصرنا نتصبب عرقا، وبعدها هواء بارد فصرنا نرتجف. بعد ساعتين سار بنا الباص مسافة 3 ساعات  وبمجرد نزولنا من الباص انهال الجنود علينا ضربا بعصا من حديد. بعدها فكوا قيودنا فيما ظلت العصبة على أعيننا ووضعونا في زنزانة 2.5*2.5 متر، ملتصقين ببعض. شاهدت بجانب الزنزانة مغسلة وصنبور ماء من تحت العصبة، فذهبت وشربت منه وبعد عدة دقائق توجهت وشربت فشاهدني أحد الجنود فقام بضربي بقدمه في جنبي (صفحتي)، فاستفرغت من قوة الضربة ثم سحبني تحت الضرب إلى غرفة شبك وأمرني بخلع ملابسي عاريا وأمسكني من جهازي التناسلي ورفعني فأغمى علي، واستيقظت من شدة الضرب الذي تعرضت له وأنا مغمى علي. وتكرر ذلك معي ثلاث أو أربع مرات بعدها أمرني بارتداء ملابسي وهو يضرب فيّ.

بعد ارتداء الملابس قيد يدي للخلف بقيود بلاستيكية والعصبة على عيني واقتادني مسافة 20 متر إلى جانب باص. كان يوجد ضابط سألني كيف المخابرات معاك فقلت له من الخوف كويسة فصار يضحك – حينها شعرت بذل وقهر لم أشعر به بحياتي_، أصعدني إلى باص صغير وهو يضرب في لكمات. وعند امتلاء الباص سار لمدة 10 دقائق، وكان الوقت بعد أذان المغرب. أنزلونا في ممر بين جنود وهم يضربونا باللكمات وبعصى الحديد وآخر جندي مع قطاعة يقوم بفك القيود وحلقات البلاستيك ويرفع العصبة عن أعيننا ويأمرنا بالجري إلى الأمام. ونحن نجري قال لنا المعتقلون السابقون لنا لا تخافوا لا يوجد هنا ضرب. عندها أغمي علي وعلى عدد منا فقاموا بسكب الماء على وجهي واستيقظت ولكن لم أستطع الوقوف فحملني الشبان إلى الخيمة مردوان 11 وعرفت منهم أنني في سجن النقب. وكنت أشعر بالجفاف في حلقي من العطش فشربوني شربة ماء وكذلك من كان معي، قضيت أول ليلة بدون فرشة ولا غطاء ولا طعام، فالتصقنا ببعض عند النوم من شدة البرد.

 في حوالي الساعة 5:00 صباح اليوم التالي استيقظنا على العدد (سفرا) ثم الفطور كأس لبن وأنا لا آكل اللبن، والغداء الساعة 1:00 قطعة خبز وبيضة أو جبنة، والعشاء رز ابيض، ومن الساعة 2 مساء إلى الساعة 3 يفتحون الماء لنا فكنا نعبئ أكياس الخبز من البلاستيك ونخبئها في جراب الخيمة وأكواب اللبن بالماء لأنه لا يوجد زجاجات كافية في الخيم. 

بعد 10 ايام اقتادوني للتحقيق ونفس الاسئلة هل انت حماس تعرف من في حماس اين كنت في 7 اكتوبر، وبعد أخذ إفادتي بصموني بأصابعي العشرة وأخذوا من لعابي (عينة DNA)، وصوروني، ثم أعادوني إلى الخيمة. بعد أربعة أيام مرضت مدة أسبوع ولم أستطع الوقوف من التشنجات في ظهري وركبتي فكان الشبان يحملوني إلى الحمام، فطلبت الذهاب إلى الطبيب فرفضوا. 

في حوالي الساعة 2:00 مساء 8/1/2024، جاء أحد الجنود ونادى على 8 معتقلين وكنت أنا منهم، أخرجنا من الخيمة وقيد يدي للأمام بقيد حديد وعصب عيني وأصعدونا في باص عبارة عن غرف حديد مثل الزنزانة مغلقة تماما بها فتحات صغيرة، وضعونا كل أربعة في غرفة.  وبعد السير 5 دقائق انزلونا في زنزاتة3*3 بها شباك صغير فوق الباب وبداخلها حمام. بعد ساعة سمعنا الجنود ينادون على أسماء معتقلين كانوا معنا في الخيمة ظننا أنه تم الإفراج عنهم وبعدها أحضروهم عندنا في الزنزانة فصار عددنا 20 معتقلاً. وبعدها نادوا علينا خمسة، خمسة، واقتادونا إلى غرفة وتأكدوا من أسمائنا أكثر من مرة، ثم أعادونا إلى الزنزانة. وبعد ساعة نادوا علينا وأصعدونا في الباص الزنازين كل 3 في زنزانة. سار بنا الباص أكثر من 5 ساعات وأنزلونا إلى الطبيب وقبل وصولي إلى الطبيب أغمى علي لأني كنت صائما ولم أتناول سوى قطعة خبز. فحصني الطبيب وكان عندي هبوط في الضغط وتشنجات فأعاطاني الطبيب حبة ريلاكسون وحبة اكامول وتفحص جسمي، وأعادوني إلى البركسات الأولى. شعرت بإحباط شديد لأنني اعتقدت انني سأظل فيها معتقلا وانا مقيد بقيود حديدية وعصبة على عيني وأجلس على ركبي ورأسي إلى الاسفل من الساعة 5:00 فجرا إلى الساعة 11:30 مساء. وفي حوالي الساعة 11:00 مساء، جاء الجنود وأخرجونا من البركسات، فكوا قيودنا وأعطونا ملابس جديدة ترنك رمادي ارتديناها ثم أعادوا قيودنا وأمرونا بالنوم عند بوابة البركس.

 في حوالي الساعة 3:00 فجر9/1/2024، جاء الجنود ونادوا على 5 معتقلين، أنا منهم، وأخرجونا من البركس وفكوا قيودي الحديدية وأبدلوها بقيود بلاستيكية والعصبة على عيننا. وأصعدونا في باص سار بنا حوالي 3 ساعات، حيث وصلنا معبر كرم أبو سالم الساعة 6:00 صباحا وكان عددنا 80 معتقلا، كان منهم عمال وسيدة لا أعرف اسمها. فك الجنود قيودنا وأمرونا بالسير إلى الأمام وعدم النظر للخلف ، فسرنا مسافة 2 كيلو حيث وجدنا باصا للوكالة بانتظارنا الذي نقلنا إلى بوابة معبر رفح. كلمت أهلي من جوال أحد موظفي الوكالة فجاء إخوتي موسى، 28 عاما، وعيسى، 26 عاما، وشعبان، 25 عاما، الذين نزحوا إلى رفح (وابي وامي في الشمال لم يستطيعوا النزوح). أخذني إخوتي إلى زوجتي وابنائي في مدرسة بنات الرازي. والآن أنا أنام كل يوم عند أحد من المعارف أو الأصدقاء الذين نزحوا إلى رفح ولأنه لا يوجد معي نقود كفاية لشراء خيمة وممنوع النوم عند زوجتي في المدرسة.