مريم سلهب (21 ​​عامًا) طالبة صيدلة من سكّان خربة قلقس في محافظة الخليل

    

بتسيلم -10-12-2023

في 26.10.23، عند منتصف الليل، كنتُ جالسةً مع والديّ وأختي عندما اقتحم منزلنا عشرة جنود وجنديّة، بعضهم ملثّمون. صوّبوا بنادقهم نحونا وأمرونا بعدم التحرّك. كنتُ أرتدي بيجامة خفيفة نصف كُمّ ولم أتمكّن من تغيير ملابسي، لذا ارتديتُ بسرعة ثوب الصلاة لكي أغطّي شعري.

أخذني الجنود أنا وأختي وأمّي إلى إحدى غرف المنزل. مكثوا مع والدي في غرفة الاستقبال وسمعتهم يصرخون عليه. كانوا يبحثون عن أخي الأكبر الذي لم يكن في المنزل. شتمه ضابط "شاباك" وهدّد باعتقاله هو وإخوتي انتقامًا لما فعلته حماس في غلاف غزّة. انتشر الجنود في الشقّة وأحدثوا فوضى في المنزل كلّه.

بعد ساعة تقريبًا دخل الضابط إلى الغرفة التي كنّا فيها. اقترب منّي وسألني إذا كنتُ أعرف ما فعلته حماس بالنساء اليهوديّات. فأجبته بأنّني لا أعرف شيئًا عدا ما قالوه في الأخبار. فقال إنّهم سيأخذونني وطلب من جنديّة أن تقوم بتفتيشي. خفتُ كثيرًا جدًّا، فأنا لم أشارك مطلقًا في أيّ نشاط سياسيّ ولم أنضمّ إلى أيّ تنظيم. هذه هي المرّة الأولى التي يتمّ فيها اعتقالي. توسّلتُ إليهم أن يسمحوا لي بارتداء الجلباب، لكنّهم رفضوا وأخذوني بالبيجامة وبثوب الصلاة فوقها فقط. قيّدوا يديَّ من الخلف بأصفاد حديديّة. كان ذلك مؤلمًا جدًّا ولم أتمكّن من تحريك يديّ. كما عصبوا عينيّ ثمّ اقتادوني إلى الخارج.

خفتُ كثيرًا جدًّا، فأنا لم أشارك مطلقًا في أيّ نشاط سياسيّ ولم أنضمّ إلى أيّ تنظيم. هذه هي المرّة الأولى التي يتمّ فيها اعتقالي

أصعدوني إلى حافلة ورأيتُ من تحت عصابة العينين أنّه ليس هناك أحد سوى السائق. صعد ثمانية جنود من خلفي وشتموني. ضربني أحدهم بقوّة على رأسي ثمّ على كتفي. سافرت الحافلة وبعد نحو عشر دقائق وصلنا إلى معسكر لا أعرفه. أنزلني الجنود وعندها لكمني أحد الجنود بقوّة على رأسي. شتمني ودعاني داعشيّة ثمّ شتم حماس. مدّدوني على الأرض على بطني ووجهي في التراب، ثمّ ربطوا رِجليّ بأصفاد بلاستيكيّة وشدّوها بإحكام شديد جدًّا. داس جنديّان على ظهري. شعرتُ بأنّني لا أستطيع التنفس، ودخل التراب إلى فمي. كلّما حاولتُ رفع رأسي للتنفّس داس جنديّ على رأسي. قلتُ لهم إنّني أختنق، فردّوا بالشتائم فقط. استلقيتُ على تلك الحال وأنا أرتعد من البرد وأعاني من الآلام في كافّة أنحاء جسمي، وكان الجنود يركلونني ويبصقون عليّ، حتّى سمعتُ المؤذّن يؤذّن لصلاة الفجر.

أدخلوني إلى سيّارة عسكريّة وسافرنا من هناك. جلس جنديّ بجانبي وشعرتُ بوجود جنود آخرين في السيّارة. كنتُ عطشى جدًّا فطلبتُ ماء منهم، لكنّهم رفضوا وشتموني. كانت يداي تؤلمانني بسبب الأصفاد، فطلبتُ منهم أن يرخّوها قليلًا، لكنّهم لم يوافقوا وشتموني وصرخوا عليّ مرّة أخرى. في مرحلة ما توقّفت السيّارة وأصعدوا معتقلة أخرى. لم أنم منذ أخرجوني من منزل أهلي، لذا نمتُ أثناء السفر وكان رأسي مسندًا إلى النافذة، لكنّ الجنود طرقوا بقوّة على الزجاج لمنعي من النوم.

أنزلني الجنود وعندها لكمني أحد الجنود بقوّة على رأسي. شتمني ودعاني داعشيّة ثمّ شتم حماس

بعد نحو ساعتين وصلنا إلى سجن "عوفر". أدخلوني والمعتقلة التي كانت معي إلى غرفة صغيرة جدًّا ونحن مقيّدتان بالأصفاد ومعصوبتا الأعين. النساء اللاتي كنّ في الزنزانة أزلن لنا العصابة. كانت يداي تؤلمانني جدًّا بسبب الأصفاد. نادينا على السجّانين لكي يأخذونا إلى المرحاض، وكنّا نأمل أن يقوموا بإزالة الأصفاد عندها. أخذتنا سجّانة إلى المرحاض وأطلقت أيدينا. قامت السجّانة بتقييد أيدينا ثانيةً لكنّها لم تشدّ الأصفاد كما كان من قبل. كنتُ عطشى جدًّا وشربتُ من حنفيّة المرحاض.

عندها جاء سجّان وأخذني إلى التحقيق. كنتُ منهكة وطلبتُ ماء فأحضروا لي القليل منه. سألني المحقّق عن دراستي، عن الجامعة وانتمائي السياسيّ. أجبتُ بأنّني مجرّد طالبة فيزياء طبّيّة وليس لديّ أيّ انتماء سياسيّ. بعد ذلك سألني عن أعمال حماس وعن اغتصاب النساء اليهوديّات وقتل الأطفال. فقلتُ له إنّني لا أعلم شيئًا عن ذلك، وعندها شتمني وهدّدني واتّهمني بتهم لا أساس لها من الصحّة. بعد ذلك أخذ السجّان بصمات أصابعي والحمض النوويّ وأعادني إلى الزنزانة.

بعدها نقلوني مع معتقلات أخريات إلى "سجن الشارون" حيث أدخلونا إلى غرفة صغيرة وباردة جدًّا. جلسنا هناك لعدّة ساعات ثمّ نقلونا إلى زنزانة متّسخة جدًّا. كانت هناك فرشتان قذرتان. وقفتُ مذهولة في إحدى زوايا الغرفة، وشعرتُ بالتقزّز والغثيان. كنتُ متعبة لدرجة أنّني لم أتمكّن من الوقوف، فاستندت إلى الحائط. لم أصدّق ما كان يحدث لي. كنّا جائعات وعطاشًا، لكنَّ السجّانين رفضوا أن يحضروا لنا الطعام والماء.

كنتُ متعبة لدرجة أنّني لم أتمكّن من الوقوف، فاستندت إلى الحائط. لم أصدّق ما كان يحدث لي. كنّا جائعات وعطاشًا، لكنَّ السجّانين رفضوا أن يحضروا لنا الطعام والماء

كنّا ستّ أسيرات في هذه الغرفة الصغيرة. كنّا متعبات للغاية لكنّنا لم نتمكّن من النوم. أحضر لنا السجّانون ثلاثة أكواب صغيرة من القشدة الحامضة وبعض قطع الخبز التي بالكاد تكفينا. أكلنا ولم يحضروا لنا المزيد من الطعام حتّى الساعة 15:00 من اليوم التالي، ثمّ أحضروا لنا البرغل لكنّ طعمه كان فظيعًا ولم نتمكّن من تناوله.

بعد ذلك نقلوني مع أسيرتين أخريين إلى غرفة صغيرة وقذرة، لكنّها كانت في حالة أقلّ سوءًا من الغرفة التي كنّا فيها من قبل. كان المرحاض هناك مكشوفًا بالكامل. طلبنا فرشة، فأحضروا لنا نفس الفرشة القذرة التي كانت موجودة في الغرفة السابقة. قمنا بمسحها وتنظيفها قدر استطاعتنا وجلسنا عليها لأنّه لم يكن لدينا خيار آخر.

في ساعات الظهر من يوم 30.10.23 قامت السجّانات بتفتيشنا ونحن عاريات تمامًا، وسخرن منّا في أثناء ذلك. بعد ذلك نقلنني مع معتقلتين أخريين إلى سجن الدامون. أدخلوني إلى التحقيق مرّة أخرى. حقّق معي ضابط لمدّة عشر دقائق تقريبًا، وكان في الأساس يهدّدني ويشتمني. بعدها نقلوني إلى جناح النساء، الذي كان مكتظًّا جدًّا. هناك كان بإمكاننا الاستحمام وأعطتنا الأسيرات ملابس. لكن، هناك أيضًا لم يكن طعام أو شراب، كما لم يكن "كانتينة" أيضًا. أدخلونا إلى زنزانة صغيرة جدًّا. طوال فترة وجودي هناك بالكاد حصلنا على طعام، بضع قطع الخبز فقط. كان البرد شديدًا هناك. كنتُ أرتعش طوال الوقت لأنّه لم تكن هناك بطانيّات.

لم يكن ذلك تحقيقًا بل مجرّد تهديدات. شتموني وهدّدوني بالانتقام من عائلتي بسبب ما قامت به حماس في غلاف غزّة

بعد بضعة أسابيع سمعنا أنّ هناك صفقة تبادل. أبلغوني أنا وبعض المعتقلات أنّهم سيطلقون سراحنا، وعندها فتّشونا مرّة أخرى ونحن عاريات ثمّ أبقونا في غرفة قذرة للغاية. أدخلوني إلى غرفة كان فيها محقّق، وهدّدني وهدّد أفراد أسرتي في حال قمنا بإجراء أيّ احتفال. بعد ذلك نقلوني مع خمس فتيات أخريات إلى سجن "عوفر"، وهناك مكثنا في زنزانة صغيرة جدًّا لمدّة 12 ساعة. كان البرد قارسًا جدًّا فيها ولم يكن هناك مرحاض. لم يقدّموا لنا الطعام طوال هذا الوقت. أخذونا، واحدةً تلو الأخرى، لمقابلة محقّقي "الشاباك". كان هناك ستّة محقّقين وتحدّثوا جميعًا معًا. لم يكن ذلك تحقيقًا بل مجرّد تهديدات. شتموني وهدّدوني بالانتقام من عائلتي بسبب ما قامت به حماس في غلاف غزّة. بعد ذلك انتظرنا في الزنزانة، ونحن مقيَّدات بالأصفاد ومعصوبات الأعين، حتّى حوّلونا إلى الصليب الأحمر.

- سجلت الإفادة باحثة بتسيلم الميدانيّة منال الجعبري في 10.12.23