رقيّة عمرو (25 عامًا)، طالبة ماجستير في الشريعة الإسلاميّة، من سكّان دورا في محافظة الخليل

  

بتسيلم - 12/12/2023

في 26.10.23، قرابة الساعة 1:00 بعد منتصف الليل، كنتُ في المنزل مع أمّي وإخوتي. رأيتُ من النافذة عدّة مركبات للجيش تتقدّم باتّجاه منزلنا. ارتديتُ ملابس محتشمة بسرعة، وفي تلك الأثناء وصل الجنود. فتحت أمّي الباب وعلى الفور اقتحم المنزل أكثر من عشرة جنود وجنديّتين. طلبوا منّا البقاء في الصالون وقاموا بتفتيش المنزل كلّه. تحدّث الضابط معنا بالعربيّة وطلب أن نحضر له الهويّات والهواتف.

فتّش في هاتفي وقال إنّ لديّ هاتفًا آخر وطلب أن أحضره. فقلتُ له هذا ما عندي. قادني مع جنديّتين وعدّة جنود آخرين إلى غرفة نومي وسألني مرّة أخرى عن هاتفي. صرخ وقلب الأثاث. بعد أن هدأ قليلًا سألني عمّا أعرفه عن أحداث 7 أكتوبر. قلتُ له إنّني لا أعرف سوى ما كان في الأخبار، لكنّه قال إنّني أؤيّد داعش وحماس وإنّني أعرف كلّ شيء. احتجزوني في الغرفة لمدّة ساعة تقريبًا، هدّدوني خلالها وصرخوا عليّ، ثمّ اقتادوني إلى الشارع.

قيّدوا يديّ وتركوني في الشارع لمدّة ساعة تقريبًا، ثمّ أدخلوني إلى سيّارة جيب

قيّدوا يديّ وتركوني في الشارع لمدّة ساعة تقريبًا، ثمّ أدخلوني إلى سيّارة جيب. صعد الضابط إلى سيّارة الجيب سويّةً مع جنديّة، ثمّ قرَّب وجهه من وجهي، صرخ عليّ، شتمني وهدّدني. صرخ قائلًا بأنّه سيخرج ويتركني مع الجنود لكي يفعلوا بي ما فعله رجال حماس بالنساء اليهوديّات في غلاف غزّة. حاولتُ ألّا أردّ عليه وألّا أجيبه، لأنّني خفتُ أن يضربني أو يعتدي عليّ بطريقة أخرى.

نزل الضابط من سيّارة الجيب وأعادني إلى غرفتي. أبلغني بأنّه سيعتقلني. طلبتُ الدخول إلى المرحاض لأنّني كنتُ في الدورة الشهريّة وأردتُ أن آخذ معي بعض الفوط، لكنّه رفض. قامت الجنديّات بتقييد يديّ بقوّة خلف ظهري. طلبتُ من إحدى الجنديّات أن ترخّي الأصفاد قليلًا، لكنّها صرخت عليّ فقط بأن أسكت وغطّت عينيَّ. اقتادوني عائدين إلى سيّارة الجيب وألقوني فيها بعنف، ثمّ أجلسوني على الأرض بين المقاعد. ضربني الجنود الذين كانوا جالسين على المقاعد، بصقوا عليّ وشتموني.

طلبتُ من إحدى الجنديّات أن ترخّي الأصفاد قليلًا، لكنّها صرخت عليّ فقط بأن أسكت وغطّت عينيَّ

بعد نحو 20 دقيقة وصلنا إلى مكان يبدو مثل قاعدة عسكريّة، وهناك استمرّوا في شتمي وضربي. بعد تنكيل استمرّ عدّة ساعات أخذوني إلى سجن "عوفر"، مع عدّة نساء أخريات. خلال هذه السفرة أيضًا كان الجنود يركلوننا ويضربوننا، وفي كلّ مرّة كنّا ننام فيها أو نتّكئ على جانب سيّارة الجيب كانوا يخبطون عليه. طلبنا أن نشرب الماء لكنّهم رفضوا وصرخوا علينا بأن نسكت.

عندما وصلنا إلى سجن "عوفر" قامت سجّانة بإزالة الأصفاد عنّي. لم أكن قادرة حينها على تحريك يديّ، وكأنّ الدم تجمّد في عروقي. كانت يداي تنزفان في المكان الذي كانت فيه الأصفاد. فتّشتني السجّانة وأنا عارية وتركتني في غرفة صغيرة وقذرة، فيها كرسيّ مرحاض. طلبتُ من السجّانة أن تحضر لي فوطًا، لكنّها رفضت. بعد ذلك أخذتني للتحقيق. كان هناك محقّق يتحدّث العربيّة. طلبتُ منه ماء لكنّه رفض. قلت إنّني لن أتحدّث حتّى يحضروا لي ماء، فأحضر لي كوبًا فيه بعض الماء.

م أكن قادرة حينها على تحريك يديّ، وكأنّ الدم تجمّد في عروقي. كانت يداي تنزفان في المكان الذي كانت فيه الأصفاد

عرض أمامي المحقّق عدّة بوستات واتّهمني بالانتماء إلى حركة حماس. أنكرتُ وقلت له إنّ البوستات ليست لي. سألني عمّا حدث في غلاف غزّة، عن اغتصاب النساء، قتل الأطفال وحرقهم وقطع رؤوسهم. فأجبتُه أنّ ديننا، الإسلام، لا يسمح بمثل هذا السلوك وأنّني لا أعرف عنه إلّا ما رأيناه على شبكات التواصل. قال إنّني كاذبة ووجّه لي تهمًا لكنّني أنكرتُ كلّ شيء. بعد نحو نصف ساعة من الصراخ، التهديدات والشتائم طلب منّي المحقّق التوقيع على محضر التحقيق. عندها أخذوني لالتقاط صور لي وأخذوا بصمات أصابعي، ثمّ أخذوني إلى زنزانة كانت فيها معتقلات أخريات.

كنّا جميعًا مع أصفاد على اليدين. كانت الغرفة قذرة وباردة جدًّا، وكنّا جائعات. تركونا في تلك الغرفة حتّى ساعات المساء، ثمّ أخذونا إلى سجن الشارون. خلال السفرة كان الجنود يصرخون، يغنّون ويضربوننا على رؤوسنا في كلّ مرّة كنّا ننام فيها. عندما وصلنا أدخلونا إلى زنزانة ضيّقة وقذرة. كانت هناك فرشتان مُنتنتان. أزلنا بعض الوسخ عنهما وقلبناهما حتّى نتمكّن من الجلوس. طوال الوقت الذي احتجزنا فيه هناك واجهنا صعوبة في النوم. كانت في الغرفة حنفيّة بدون ماء. طلبنا من السجّانين فتح المياه حتّى نتمكّن من تنظيف الغرفة، وطلبنا ماء للشرب أيضًا لأنّنا كنّا عطاشًا جدًّا، لكنّهم رفضوا. طلبنا منهم أيضًا فوطًا صحّيّة، لكنّهم لم يوافقوا. كما لم يوافقوا على إحضار الطعام لنا. بعد نحو يومين فقط أحضروا لنا بعض الخبز والقشدة وتقاسمناها. في اليوم التالي طلبتُ من إحدى السجّانات، مرّة أخرى، أن تحضر لنا فوطًا، لكنّها رفضت وشتمتنا. في اليوم الثالث فقط أحضر لنا أحد السجّانين فوطًا. كما أحضر لنا بعض البرغل الذي كان سيّئًا جدًّا ولم نتمكّن من أكله. استكفينا بالخبز.

في 30.10.23 نقلونا إلى سجن الدامون. أخرجتنا السجّانات جميعًا من الغرفة وأدخلننا، كلّ واحدة على حدة، إلى الغرفة نفسها مرّةً أخرى. أمرنَنا جميعًا بخلع ملابسنا تمامًا وطوال الوقت كنّ يسخرن منّا ويشتمننا ويتصرّفن وكأنّهن يشعرن بالاشمئزاز منّا. بعد ذلك أخذونا واحدة تلو الأخرى للتحقيق. سألوني مرّة أخرى عن الأحداث في غلاف غزّة وهدّدوا بالانتقام. عندما انتهوا من التحقيق معنا جميعًا نقلونا إلى جناح النساء الذي كان مليئًا بالأسيرات. كان هناك نحو ستّين، وكان العدد يزداد يوميًّا. هناك سمحوا لنا بالاستحمام. أعطتنا الأسيرات بعض الملابس الخفيفة. كنّا نشعر ببرد قارس جدًّا. في اليومين الأوّلَين لم يعطونا بطانيّات، وخلال الفترة بأكملها لم يحضروا أيّ طعام تقريبًا، وعندما أحضروا لنا فكان ذلك بكمّيّة صغيرة جدًّا، وكان الأكل سيّئًا.

في 30.11.23 حضر بعض السجّانين وأخذوني برفقة بعض المعتقلات الأخريات. قالوا لنا إنّه سيتمّ إطلاق سراحنا. قبل أن يطلقوا سراحي فتّشوني وأنا عارية مرّة أخرى، وحقّق معي أحد الضبّاط وهدّدني بأنّه إذا احتفلت عائلتي بإطلاق سراحي فسوف يؤذونني ويؤذون عائلتي. بعد ذلك نقلونا إلى سجن عوفر، وهناك احتجزونا لمدّة 12 ساعة تقريبًا دون طعام أو ماء في غرفة صغيرة وقذرة وكريهة الرائحة. كان باردًا جدًّا هناك. بعد منتصف الليل سلّمونا للصليب الأحمر.

- سجلت الإفادة باحثة بتسيلم الميدانيّة منال الجعبري في 12.12.23