قدورة فارس للجزيرة نت: أخشى على أسرى غزة من التعذيب حتى الموت

   

الجزيرة نت / 4/12/2023

قدورة فارس: سجون الاحتلال تحولت إلى جبهة أخرى من الجبهات التي تمارس فيها إسرائيل العدوان (الأناضول)

رام الله – قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قدورة فارس، إن إسرائيل تشن عملية "انتقام عمياء" ضد الأسرى الفلسطينيين، في تعبير واضح عن الخيبة والإخفاق والشعور بالخطر الوجودي بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأضاف قدورة في حوار مع الجزيرة نت أن الأسرى الفلسطينيين يتعرضون للضرب والتعذيب والتجويع والمنع من زيارات الأهالي والمحامين والمنظمات الدولية، في ظروف لم يشهدوا مثيلا لها من قبل.

وعبّر المسؤول الفلسطيني عن خشيته على مصير أسرى قطاع غزة من تعذيب بعضهم حتى الموت، مطالبا اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالإعلان الصريح عن منعها من زيارة السجون، أو حزم أمتعتها والمغادرة إن كانت لا تستطيع القيام بدورها.

وفيما يلي نص الحوار:

  • نبدأ معكم، السيد قدورة، من حيث انتهت إليه أرقامكم عن اعتقالات الضفة، نحو 3500 حالة اعتقال خلال أقل من شهرين، في أي سياق تأتي الحملة؟

لا يمكن تفسير هذه الحملة من الاعتقالات إلا في إطار عملية انتقام عمياء تنفذها دولة الاحتلال. وفي ذلك تعبير عن حالة من الإفلاس وتكريس لمنهج عنصري فاشي.

يتحدث دائما قادة الاحتلال عن رفع كلفة النضال الفلسطيني، ورفع الكلفة هو سلوك يحتكم للمبدأ نفسه الذي تعمل به المنظمة الاستيطانية الإرهابية "تدفيع الثمن"، فأصبح لا فرق بين الحديث عن رفع كلفة النضال وتدفيع الثمن.

هذه المنظمة التي وصفوها بالإرهابية، هم من الناحية العملية، يعملون للمبادئ ذاتها التي تحكم عملها، وكثير من الإجراءات التي تتخذها إسرائيل لا يمكن وضعها في أي سياق. عندما نحاول أن نفكر في الأهداف التي تقف وراء هذا العمل، لا نجده سوى الكراهية والحقد ونزعة الانتقام.

  • هناك شهادات صعبة ترِد من السجون عن تعذيب الأسرى والأسيرات، ماذا وصلتكم من معلومات في هذا السياق؟

السلوك الذي تمارسه سلطات الاحتلال في السجون يندرج -أيضا- في السياق السابق نفسه وهو الانتقام. تحولت السجون إلى جبهة أخرى من الجبهات التي تمارس فيها إسرائيل العدوان، ما يدل على منهج وسلوك محكوم بالاضطراب والشعور بالإخفاق والخيبة، ومن ثم البحث عما يرضي نزعة ورغبة الانتقام.

الأسرى لم يشاركوا لا في التنفيذ ولا في التخطيط لعملية 7 أكتوبر/تشرين الأول الفائت (طوفان الأقصى)، وعلى الرغم من ذلك تجد أن دولة الاحتلال تقمعهم وتضربهم وتعتدي عليهم وتتصرف معهم بطريقة وحشية. هذا تعبير آخر من تعبيرات الحالة التي وصلتها إسرائيل كونها دولة قلقة مضطربة لا تعرف بالضبط ماذا تريد.

لذلك فإنها تقتل داخل السجون وتصيب بجراح وتمنع العلاج وتجوّع، هذه تصرفات غير مسبوقة، وإن كان جزء منها حاضرا في سلوك الإسرائيليين، لكن ليس بهذه الكثافة وهذا الشمول.

إسرائيل على وقع ما تواجهه وواجهته يتعمق لديها شعور بالقلق الوجودي، يظنون أن مزيدا من القمع يشترون به وقتا لبقائهم، ويشترون به طمأنينة لكنها طمأنينة الواهم، هم يكتشفون أنهم كلما أوغلوا في دمنا أكثر، صاروا أكثر اضطرابا وأكثر توترا.

  • ماذا عن أشكال التعذيب الممارسة داخل السجون؟

أبرز أشكال التعذيب وأكثرها شيوعا عمليات الاعتداء الجماعية، فمثلا ينقض 10 سجانين على أسير واحد ويضربونه مقيدا وغير مقيد، على كل أنحاء جسمه دون تمييز إن كانوا يضربون على الرأس أو الوجه أو الأطراف.

يُضرب الأسير في كل مكان ثم يلقى به في غرفة الاعتقال دون أن يتأكدوا أو يفحصوا حجم الضرر الذي لحق به. أن يضرب أسير بطريقة وحشية وينزف دما دون أن يقدم له أحد حتى معقما للجرح، فهذه ذروة الوحشية.

هناك -كذلك- تجويع للأسرى بشكل عام، وجبات الطعام التي تكفي أسيرين تقدم لعشرة. فأحد جوانب القمع تقليص وجبات الطعام إلى أقل من الحد الأدنى. يعطون الأسرى طعاما كي يبقوا فقط واقفين على أقدامهم، وكي لا يموتوا من الجوع. لا يوجد دولة تُقدِم على عمل من هذا النوع.

  • شاهد العالم الطفل محمد نزال مكسور اليدين بعد تحريره في صفقة التبادل الأسبوع الماضي، والجيش الإسرائيلي ينفي تعذيبه، ما تعليقكم؟

هذا تعبير صارخ عن الجريمة، هذه صورة من صور الجريمة، إسرائيل تتصرف على طريقة "إن لم تستح فافعل ما شئت". لقد قرؤوا الموقف الدولي في بداية الحرب، الذي قال، إن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها. المسؤولون الإسرائيليون رأوا أن من حق إسرائيل أن تفعل أي شيء، وكأنها أخذت تصريحا من العالم أن تمارس كل ما صنّفه العالم على أنه جرائم.

  • بين الحين والآخر يزور وزير الحرب الإسرائيلي إيتمار بن غفير، السجون ويُشرف على تعذيب الأسرى، لماذا يفعل ذلك بتقديركم؟

هذا أحد التعبيرات عن حالة الضعف التي تعيشها إسرائيل. أن ينشغل وزير بينما دولته تخوض حربا هي بالأساس موجهة ضد المدنيين الأبرياء، وأن يجد هذا الشخص متسعا من الوقت ليراقب بنفسه ويشرف على عمليات القمع البائسة، فهذا يدل على انحطاط هذا الشخص، وكم هو فاشٍ، ويعيش في فراغ.

بن غفير يشعر أنه على هامش العمل، فعندما دخلت إسرائيل مرحلة إستراتيجية وجدية، وجد نفسه خارج دائرة القرار، تراه يذهب هنا وهناك ويؤدي بعض الحركات ويكتب تعليقات على "إكس" تعكس مستوى انحطاطه القيمي والأخلاقي، ليظل عارا على إسرائيل، وتظل إسرائيل عارا عن العالم.

  • ماذا يتوفر لديكم من معلومات عن أسرى قطاع غزة؟

مع الأسف الشديد لا معلومات تصدر عن إسرائيل. مصادفة شاهدت الأسيرات اللاتي حررن في صفقة 11 أسيرة من غزة اعتقلن وهن نازحات بطريقة وحشية، ويعاملن معاملة وحشية للغاية.

إسرائيل تخفي أمرا ما بإصرارها على عدم الإفصاح عن عدد من اعتقلتهم في سجونها خلال الفترة الماضية، وربما تبيّت أمرا، أو أنها الآن منهمكة في تنفيذ أمر ما.

  • ماذا تقصد بقولك "تنفيذ أمر ما"؟

ربما أخضعوا بعض الشباب لتحقيق قاسٍ وبعد انتهاء التحقيق -سواء أخذوا معلومات منهم أو لم يأخذوا- قتلوهم، وإلا لماذا لا تفصح إسرائيل عن عدد من تعتقلهم وأين تحتجزهم، لولا أنهم يعذبونهم ويحققون معهم بطريقة وحشية؟

  • مؤخرا تزايد الاعتقال بلا تهمة أو محاكمة والمعروف بـ "الاعتقال الإداري"، ماذا لديكم من معلومات عن عدد المعتقلين الإداريين؟

عددهم حاليا نحو 3 آلاف معتقل، وقد ارتفع الاعتقال الإداري بنسبة 150% تقريبا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهذا لم يحدث من قبل وخلال المدة نفسها، أي في أقل من شهرين. صحيح أننا شهدنا أرقاما مشابهة لكن في أحداث كبرى؛ مثل: انتفاضتي 1987 و2000، في أجواء مواجهة شاملة، وحاليا في الضفة لا يوجد مواجهة شاملة.

  • هناك استياء لدى عدد من المنظمات الحقوقية من دور الصليب الأحمر وعدم زيارته للأسرى أو السجون منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما المطلوب من اللجنة الدولية؟

الصليب الأحمر يريد أن يؤدي دوره لكن إسرائيل تمنعه من زيارة السجون وأشياء كثيرة. ملاحظتنا أنه يجب أن يخرج للملأ ويقول، إنه يرغب ويريد أن يمارس مسؤوليته لكن إسرائيل تمنعه، ونحن مع أن يذهب أكثر من ذلك، طالما أن إسرائيل تمنعه كأن يهدد بالمغادرة أو يغادر فعليا، لا حاجة لوجود المكاتب طالما هو ممنوع أن يعمل.

  • سؤالنا الأخير، ماذا عن دور المحامين الفلسطينيين وزياراتهم للأسرى؟

كما هي عائلات الأسرى والمنظمات الحقوقية، لا يستطيع المحامون القيام بالدور الذي كانوا يؤدونه قبل اندلاع المواجهة الحالية، عليهم قيود كبيرة ولا يكادون يستطيعون مزاولة أعمالهم.

أدخلت تعديلات وأوامر عسكرية جديدة على عمل المحاكم، كما يمنع المحامون من زيارات السجون والاطلاع على أوضاعها، في حالات نادرة حصل محامون على قرارات قضائية بزيارة بعض السجون، ولدى وصولهم كانت تعلن حالة الاستنفار وتمنع الزيارة. هم يحجبون عن المحامين الأوضاع داخل السجون.

المصدر : الجزيرة