لمى الفاخوري (47 ​​عامًا)، أمّ لخمسة، كاتبة ومحلّلة سياسيّة، من سكّان خلّة شريف غربيّ الخليل

   

بتسيلم -5/12/2023

في يوم الخميس الموافق 26.10.23، قرابة الساعة 1:30 ليلًا، استيقظتُ أنا وزوجي وأولادنا على صوت طرقات قويّة على الباب. ارتديتُ ملابسي بسرعة. عشرة جنود وجنديّة ملثّمون اقتحموا المنزل. نقلونا جميعًا إلى غرفة الاستقبال وأخذوا الهواتف منّا جميعًا. صرخوا علينا وشتمونا، كانوا متوحّشين حقًّا. انتشر بعضهم في المنزل. سمعتُ صوت زجاج يتحطّم وأثاث يتكسّر. اتّهمني الضابط بأنّني أنتمي إلى حركة حماس، وبأنّني أدعم داعش والإرهاب وشتمني. أراني صورًا شتّى من وسائل الإعلام حول الأحداث التي كانت في 7.10.23 وقال إنّ أعضاء داعش اغتصبوا نساء وأحرقوا أطفالًا في المستوطنات في غلاف غزّة. فقلتُ له إنّ الأخلاق والدين الإسلاميّ يحرّمان ذلك. فقال إنّ إسرائيل ستنتقم منّا وسيدفع الفلسطينيّون جميعًا ثمنًا باهظًا.

قال لزوجي أن يبدأ بالبحث عن زوجة ثانية لأنّه سيعتقلني الآن وسوف أتعفّن في السجن طوال حياتي. اقتادتني الجنديّة بعنف إلى خارج المنزل. طلبتُ منها أن تسمح لي بإحضار نظّارتي لكنّها رفضتْ، فأحضرها لي ابني. طلبتُ من الجنود أن أذهب إلى المرحاض لكنّهم رفضوا. طلبتُ، أيضًا، أن آخذ معي ملابس داخليّة وثيابًا دافئة، لكنّ الضابط قال إنّني لن أحتاج إليها في السجن. قيّدوا يديَّ بالأصفاد من الأمام، عصبوا عينيّ وأخرجوني.

دخل محقّق إلى الغرفة وسألني بالإنجليزيّة عن رأيي في الأعمال التي قامت بها حماس. شتمني ووصفني بـ "زانية". قال إنّ هناك عشرين جنديًّا في الغرفة وإنّهم سوف يغتصبونني

مشيتُ نحو 500 متر ثمّ أصعدوني إلى حافلة. مدّدوني على ظهري ثمّ بدأت الحافلة بالسفر بسرعة. الحقائب والأغراض التي ربّما كانت على الرفوف سقطت عليّ. طوال الطريق كان الجنود يسخرون منّي ويهينونني. عندما وصلنا إلى المعسكر طلب الجنود أن أنزل من الحافلة. لم يساعدوني، رغم أنّ عينيَّ كانتا معصوبتين ويديَّ مقيَّدتين بالأصفاد. أخذوني إلى غرفة وأجلسوني على كرسيّ. في ذلك اليوم جاءتني الدورة الشهريّة وشعرتُ بأنّ ملابسي باتت ملطَّخة بالفعل. طلبتُ من الجنود أن أذهب إلى المرحاض وطلبتُ ماءً أيضًا، لكنّهم رفضوا. بعد نحو ساعة ونصف الساعة فقط فكّت لي جنديّة الأصفاد واقتادتني إلى المرحاض. لم تكن لديّ فوطة لتبديلها. شربتُ بعض الماء من الحنفيّة ثمّ أعادتني الجنديّة إلى الغرفة.

دخل محقّق إلى الغرفة وسألني بالإنجليزيّة عن رأيي في الأعمال التي قامت بها حماس. شتمني ووصفني بـ "زانية". قال إنّ هناك عشرين جنديًّا في الغرفة وإنّهم سوف يغتصبونني مثلما اغتصبت داعش- حماس يهوديّات في غلاف غزّة. استمرّ في شتمي وتهديدي أنا وأفراد عائلتي. بعد ذلك جاءت جنديّة وأخذتني إلى غرفة أخرى كانت فيها جنديّات أخريات، قلن لي: "أهلًا بك في جهنّم"، أجلسنني على كرسيّ وأخذن يسخرن منّي ويصفنني بالـ "شرموطة" مرارًا وتكرارًا. جلستُ على الكرسيّ حتّى الساعة السابعة صباحًا تقريبًا. كنتُ عطشى جدًّا، لكنّهنَّ لم يُعطينني ماءً.

في الصباح اقتادوني إلى الخارج وأدخلوني إلى سيّارة أخذتني إلى سجن "عوفر". أدخلوني هناك إلى زنزانة وأنا معصوبة العينين ومقيّدة اليدين. بعد نحو نصف ساعة أدخلوا فتاتين أخريين إلى هناك. ناديتُ على أحد السجّانين وتوسّلتُ إليه أن يرخّي لنا الأصفاد قليلًا، لكنّه سخر منّي وأجاب بالعربيّة "مسكينة" وأغلق النافذة.

جاءت جنديّة وأخذتني إلى غرفة أخرى كانت فيها جنديّات أخريات، قلن لي: "أهلًا بك في جهنّم"، أجلسنني على كرسيّ وأخذن يسخرن منّي ويصفنني بالـ "شرموطة" مرارًا وتكرارًا

بعد نحو ساعة أخذوني إلى التحقيق. أجلسوني على الكرسيّ وأزالوا الغطاء عن عينيَّ. كان هناك محقّق عرَّف عن نفسه بأنّه "كابتن سلمان". بدأ يتّهمني بالانتماء إلى منظّمة إرهابيّة ويدّعي بأنّ لي منصبًا رفيعًا في تنظيم داعش- حماس وبأنّني أحرّض ضدّ دولة إسرائيل أيضًا. أنكرتُ ادّعاءاته فأراني عدّة بوستات على وسائل التواصل الاجتماعيّ من حسابات ليس لي أيّ صلة بها، فقلتُ إنّ هذه حسابات مزوّرة وليس لي أيّ صلة بها.

بعد ذلك أصعدوني إلى سيّارة وأخذوني إلى "سجن الشارون". حتّى تلك اللحظة، منذ أن تمّ اعتقالي، لم يقدّموا لي أيّ طعام أو شراب. عندما وصلتُ إلى هناك أخذوني وأدخلوني إلى داخل غرفة صغيرة وقذرة مع فتاة أخرى. نادينا على السجّان لكي يحضروا لنا ماءً لشطف الغرفة، لكنّه تجاهلنا. عندها، قلبنا إحدى الفرشات وجلسنا دون أن نتحرّك.

في وقت لاحق من المساء، أدخلوا إلينا إلى الزنزانة المعتقلتين اللتين كانتا معي في وقت سابق. قلتُ للسجّانة التي أحضرتهما إنّه لم يعد هناك مكان للجلوس أو للاستلقاء، لكنّها سخرت منّي فحسب. قرابة الساعة 4:00 ضمّوا إلينا فتاتين أخريين، فأصبحنا ستّ نساء داخل هذه الزنزانة الصغيرة والقذرة، وما زلنا بدون طعام أو ماء. أصررنا أن يحضروا لنا طعامًا فأحضروا لنا بضع شرائح من الخبز وثلاث علب صغيرة من القشدة. اتّكأنا طوال الليل على الحائط لكنّنا لم نتمكّن من النوم. كان الجوّ باردًا جدًّا في الغرفة. تركونا هكذا حتّى يوم الأحد، 29.10.23. كان السجّانون يحضرون لنا، من وقت لآخر، قليلًا من الخبز أو القشدة، بكمّيّة تكاد لا تكفي واحدة منّا.

أسوأ شيء كان هو أنّني لم أبدّل الفوطة طوال ذلك الوقت. طلبتُ من السجّانات، عدّة مرّات، أن يحضرن لي فوطة، لكنّهنّ رفضن. أثناء احتجازنا هناك، بدأتُ أعاني من صداع ودوار فظيعين، وشعرتُ بأنّ رأسي سينفجر. في أحد الأيّام، دخلت ثلاث سجّانات إلى زنزانتنا وزعمن أنّنا نخفي هواتف خلويّة. عندما أنكرنا ذلك سحبْننا بعنف من الزنزانة وأخرجن الفرشات وكلّ شيء كان في الغرفة، بما في ذلك بعض قطع الخبز التي احتفظنا بها والتي ألقينَ بها ببساطة في سلّة القمامة. بعد ذلك أعدن إدخالنا واحدةً تلو الواحدة وأجبرننا على خلع ملابسنا تمامًا، وكنّ يشتمننا في أثناء ذلك.

طلبتُ من السجّانات، عدّة مرّات، أن يحضرن لي فوطة، لكنّهنّ رفضن. أثناء احتجازنا هناك، بدأتُ أعاني من صداع ودوار فظيعين، وشعرتُ بأنّ رأسي سينفجر

في 30.10.23، قرابة الساعة 2:00 قبل الفجر، نقلونا إلى سجن الدامون. أبقونا في غرفة انتظار وأخذوا كلّ واحدة منّا على حدة إلى التحقيق. الضابط الذي حقّق معي صرخ عليّ وهدّدني بأن لا أثير مشاكل في السجن. بعد ذلك نقلوني إلى الجناح رقم 3 الذي كان جناحًا مغلقًا وفيه 55 أسيرة. عندها فقط سمحوا لي بالاستحمام لأوّل مرّة وأحضروا لي فوطًا صحّيّة. في كلّ يوم كان يُضاف المزيد من الأسيرات، حتّى أصبحنا 85 هناك، من مختلف الأعمار. أعطونا قليلًا جدًّا من الطعام وكنّا جائعات للغاية. كنّا تسع أسيرات في غرف مخصّصة لستّ أسيرات، ولم يكن في كلّ غرفة سوى فرشات وبطانيّات. منعونا من شراء أشياء من "الكانتينة".

في اليوم الذي أطلقوا سراحي فيه، في 30.11.23، دخل الكثير من الجنود إلى جناحنا. أبلغوني أنا وبعض الأسيرات الأخريات بأنّهم سيطلقون سراحنا. قاموا بتفتيشنا ونحن عاريات بشكل كامل، ثمّ نقلونا جميعًا إلى غرفة كانت متّسخة جدًّا. بعد فترة من الوقت حضر ضابط "شاباك" وهدّدني بأنّني إذا تحدّثت إلى وسائل الإعلام فسوف يعتقلونني مرّة أخرى. بعد ذلك نقلونا إلى سجن "عوفر". مكثنا هناك لمدّة 12 ساعة دون طعام أو شراب، وخلال ذلك أخذونا إلى التحقيق. بعد ذلك حوّلونا إلى الصليب الأحمر.

- سجلت الإفادة باحثة بتسيلم الميدانيّة منال الجعبري في 5.12.23