إعادة الاحتلال اعتقال محرري صفقة "وفاء الأحرار"

تسع سنوات على إعادة قوات الاحتلال اعتقال عدد من محرري صفقة "وفاء الأحرار"، التي أنجزتها كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مقابل فك أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2011.  ونجحت المقاومة الفلسطينية في تحرير قرابة 1027 أسيرا مقابل شاليط، وذلك بعد الاحتفاظ بالأخير لمدة خمس سنوات، رغم عمليات البحث الاستخباراتية والحروب التي خاضها الاحتلال ضد قطاع غزة.

وأعادت قوات الاحتلال اعتقال نحو 70 أسيرا ممن تم الإفراج عنهم ضمن صفقة "وفاء الأحرار"، بتاريخ 18/06/2014، وجددت في وقت لاحق الأحكام السابقة لـ50 منهم، وغالبيتهم بالسجن المؤبد بالإضافة إلى سنوات أخرى.  ومنذ اعتقالهم قبل تسعة أعوام في صيف عام 2014 وهم يعيشون القهر سنواتٍ شاركت فيه محاكم الاحتلال ضدهم والتي تدعي الحياد والعدل؛ ولكنهم مع ذلك لم يفقدوا الأمل في بزوغ شمس الحرية قريبا مع استمرار وعودات المقاومة ورصيدها من جنود الاحتلال الأسرى. وعودات المقاومة يقبع حاليا في سجون الاحتلال 48 أسيرا من محرري صفقة "وفاء الأحرار" المعاد اعتقالهم، في ظل مطالبات متكررة بالإفراج عنهم، ومن ضمنها مطالب للوسيط المصري الذي رعى صفقة التبادل.

 وتشترط المقاومة الفلسطينية الإفراج عن جميع محرري صفقة "وفاء الأحرار" المعاد اعتقالهم، لإبرام أي صفقة جديدة لتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي. جريمة دولية عائلة أقدم أسير في العالم القائد نائل البرغوثي من بلدة كوبر شمال رام الله طرقت كل الأبواب في محاولة لإيصال صدى هذه الجريمة الصهيونية المستمرة، ولكن لا حياة لمن تنادي مع عالم أصم يسمع فقط ما يريد. وتقول زوجته المحررة إيمان نافع إن ما حصل بحق نائل وإخوانه من إعادة اعتقالهم رغم حصولهم على ضمانات دولية في صفقة تبادل أسرى أشرف عليها وسطاء دوليون؛ هو جريمة بكل معنى الكلمة ولا يمكن وصفها بأقل من ذلك. وأوضحت أن ما جرى خلال جلسات المحاكمة في السنوات الماضية يظهر نية الاحتلال المبيتة في إعادة اعتقال المحررين الذين أفرج عنهم إلى الضفة الغربية، حيث أعادت المحاكم لهم أحكامهم السابقة التي من المفترض أن تسقط بمجرد الإفراج عنهم في صفقة يشرف عليها وسطاء دوليون.

وأشارت إلى أن الأسير نائل البرغوثي لم يفرج عنه في صفقة تبادل الأسرى عام 1985، وأفرج عنه في صفقة وفاء الأحرار عام 2011 وأعيد اعتقاله عام 2014، وهو على أعتاب دخول عامه ال42 في السجون الصهيونية كأقدم أسير على الإطلاق. ورغم أن عائلة الأسير حاولت التوجه عدة مرات إلى الجهات الدولية لإسماع صوته وإيصال قضيته ومعاناته إلا أن الاحتلال لم يستجب لطلبات الإفراج عنه، وبقي يماطل في عقد جلسات المحاكم له متذرعا ببحث ونقاش الملف بينما يبقيه في عتمة الزنازين دون أفق. ولكن العائلة لا تفقد الأمل بالله ثم بالمقاومة التي وعدت فأوفت، وتعد الآن وستفي بعد أن جمعت رصيداً من الجنود الأسرى لديها. الانتظار سنوات قاسية يصفها أهالي الأسرى المعاد اعتقالهم؛ فهي أصعب من تلك التي قضوها في سجون الاحتلال قبل الإفراج عنهم في الصفقة، حيث أن هذه السنوات تحمل معها القهر بسبب تحررهم لفترة قصيرة ومن ثم إعادة اعتقالهم دون مبرر.

ويقول شقيق الأسير المقدسي علاء الدين البازيان إن الاحتلال أفرج عن شقيقه في صفقة وفاء الأحرار؛ حيث هاتفه أحد الضباط الصهاينة وطلب منه الحضور إلى مرةز المسكوبية قبيل الإفراج عنه، وذلك لتهديده بعدم تنظيم أي احتفالات بعد الإفراج، فقال له هذا شقيقي وخرج من قبور الأحياء فكيف لي ألا أحتفل به! وبالفعل سادت الاحتفالات القدس كلها بالإفراج عن عدد من الأسرى المقدسيين في صفقة مشرفة، ولكن الاحتلال كان ينوي تنغيص هذه الفرحة بفرض قيود على المحررين ومنعهم من الوصول للضفة أو السفر خارجا، وبعد ثلاثة أعوام من الإفراج أعاد اعتقالهم.  ويوضح شقيق البازيان أن إعادة اعتقال الأسير كانت صدمة للعائلة، خاصة وأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة وفقد بصره خلال مقاومته للاحتلال، ولكن الأخير لا يفهم إلا لغة التنغيص والقهر.

ويؤكد أن العائلة ما زالت تتشبث بأمل الحرية الذي سيطل يوماً كما أطل عام ٢٠١٤، وستملأ الزغاريد أرجاء الوطن من جديد. وقفات تضامنية  تزامنا مع الذكرى التاسعة لإعادة اعتقال محرري صفقة "وفاء الأحرار"، ينظم أهالي المعتقلين وقفات تضامنية مع أبنائهم، للمطالبة بالإفراج عنهم، ودعما لقضيتهم العادلة وتذكيرا بها.  وطالب الأهالي الأمم المتحدة والجهة الراعية للصفقة بضرورة التدخل جديا للإفراج عنهم، وإنهاء اعتقالهم التعسفي المتواصل منذ تسعة أعوام، ووضع حد للخرق الخطير للصفقة، والذي مثل انتهاكًا واضحًا وصارخًا بما يحمل من رسائل خطيرة على مصير أي صفقة تبادل قادمة.  ودعا الباحث في شؤون الأسرى والأسير المحرر ثامر سباعنة، لتكثيف العمل للإفراج عن محرري صفقة وفاء الأحرار المعاد اعتقالهم، في ذكرى إعادة اعتقالهم التاسعة.

وأشار الباحث سباعنة إلى أن قضية الأسرى المحررين المعاد اعتقالهم من القضايا المهمة والحساسة خاصة وأن هؤلاء الأسرى اعتقلوا بقرار سياسي من حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ودون وجود تُهم ضدهم.  وأوضح أن محاكمة الاحتلال الظالمة أعادت أحكام الأسرى المحررين السابقة قبل الإفراج عنهم في صفقة وفاء الأحرار، الأمر الذي شكل واقعا صعبا يحياه هؤلاء الأسرى وعائلاتهم.  وأفاد بأن الاحتلال ما زال يواصل اعتقال 48 أسيرا محررا من محرري صفقة وفاء الأحرار منذ صيف عام 2014، وترفض المحكمة العليا للاحتلال وتماطل بكافة الطلبات التي قدمت للإفراج عنهم.  ودعا سباعنة لتكثيف التضامن مع قضية الأسرى وطرحها على كل المحافل واللقاءات، وتقديم الجانب الإنساني والقانوني لهذا الملف.

 

المصدر : شهاب