10 ديسمبر 2025

أصدرت المؤسسة الدولية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين “تضامن” بيانًا خاصًا في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، يتناول تصاعد الانتهاكات داخل السجون الإسرائيلية، ويعرض أبرز المطالب الحقوقية الموجهة للمجتمع الدولي.

تؤكّد المؤسسة الدولية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين " تضامن " أن اليوم العالمي لحقوق الإنسان يحلّ هذا العام في ظلّ تصعيد غير مسبوق للانتهاكات الجسيمة داخل السجون والمعسكرات ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية، حيث تتكشّف بصورة متواترة أنماط خطيرة من التعذيب وسوء المعاملة والقتل غير المشروع والتجويع الممنهج، ولا سيما بحق المعتقلين من قطاع غزة. وتمثل هذه الممارسات خرقًا واضحًا لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان واتفاقية مناهضة التعذيب، وترقى إلى جرائم دولية خطيرة تستوجب المساءلة العاجلة.

وتشير المعطيات الحقوقية الموثقة إلى أنّ عدد الشهداء داخل أماكن الاحتجاز الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تجاوز مئة شهيد، من بينهم ما لا يقل عن 50  معتقلًا من قطاع غزة. كما كشفت منظمة أطباء لحقوق الإنسان – إسرائيل عن استشهاد 98  أسيرًا خلال العام الأخير وحده، وهي حصيلة لم تُعلن عنها السلطات الإسرائيلية رسميًا ولم تُفتح بشأنها أي تحقيقات مستقلة، الأمر الذي يعزز شبهات وقوع قتل تحت التعذيب وإعدام طبي بطيء في ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية.

وترى تضامن أن استمرار منع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهيئات الحقوقية الدولية من الوصول إلى السجون والمعسكرات العسكرية منذ أكثر من عام يمثّل مؤشرًا بالغ الخطورة على اتساع نطاق الانتهاكات وتكريس سياسة الإفلات من العقاب، في مخالفة صريحة لالتزامات إسرائيل بصفتها قوة احتلال بموجب اتفاقيات جنيف الأربع، ولا سيما الالتزامات المتعلقة بضمان حماية المحتجزين ورقابة ظروف احتجازهم.

وتتزامن هذه المعطيات مع شهادات موثقة تكشف أنماطًا قاسية من الانتهاكات، تشمل:

التعذيب الجسدي والنفسي والجنسي، التجريد القسري من الملابس، الحرمان من النوم، التقييد المطوّل، التجويع، الحرمان الطبي، الإهانات والإذلال المتعمّد.

كما تحذّر تضامن من الاستخدام الواسع لتصنيف "المقاتل غير الشرعي" كأداة تتيح احتجاز المدنيين الفلسطينيين دون تهمة أو محاكمة ودون أي ضمانات قضائية، في انتهاك صريح لمبادئ المحاكمة العادلة وحظر الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري. وقد أدى هذا التصنيف إلى احتجاز آلاف الغزيين في ظروف غامضة بعيدة عن الرقابة، وإلى حرمانهم من الحقوق الأساسية المكفولة لهم.

وفي السياق ذاته، تبدي تضامن  بالغ قلقها من مسار تشريعي خطير داخل الكنيست يهدف إلى إقرار قانون الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين، الذي جرى تمريره بالقراءة الأولى، معتبرة أنّ تشريعًا كهذا يمثل تهديدًا مباشرًا لحق الحياة ويقوّض القواعد الأساسية للقانون الدولي، بما يفتح الباب أمام قتل منظّم داخل أماكن الاحتجاز بعيدًا عن أي رقابة أو محاسبة.

مطالب المؤسسة في اليوم العالمي لحقوق الإنسان

تدعو المؤسسة المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، وآلياتها التعاقدية والاختصاصية، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفعّالة، تشمل:

1.فتح تحقيق دولي مستقلّ في جميع حالات الوفاة داخل أماكن الاحتجاز منذ 7 أكتوبر 2023، استنادًا للمادة (12) من اتفاقية مناهضة التعذيب، وضمان محاسبة كل من يثبت تورطه في هذه الانتهاكات.

2. إلزام إسرائيل بالسماح الفوري بالرقابة الدولية وتمكين اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الحقوقية من زيارة السجون والمعسكرات ولقاء المحتجزين دون قيود، باعتبار ذلك التزامًا قانونيًا لا يخضع للتفاوض.

3.  وقف جميع أنماط التعذيب والتجويع والحرمان الطبي واتخاذ تدابير فورية لضمان توفير العلاج والرعاية الصحية وتحسين الظروف الإنسانية ومنع الممارسات الحاطة بالكرامة الإنسانية.

4.الإفراج الفوري عن الفئات الأكثر ضعفًا بما يشمل المرضى والجرحى والنساء والأطفال والمعتقلين إداريًا المحتجزين دون تهمة أو محاكمة.

5. إلغاء تصنيف "المقاتل غير الشرعي" ووقف جميع التشريعات والممارسات التي تُستخدم لإضفاء شرعية على الاحتجاز التعسفي، بما في ذلك التشريعات الرامية إلى فرض عقوبة الإعدام.

ختامًا

ترى تضامن أنّ واقع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون والمعسكرات الإسرائيلية يعكس انهيارًا خطيرًا في منظومة حماية حقوق الإنسان، ويكشف عن ممارسة منهجية لانتهاكات ترتقي إلى مستوى الجرائم الدولية الخطيرة.

وفي الوقت الذي يجدد فيه العالم التزامه بحماية الكرامة الإنسانية، يظل آلاف الأسرى الفلسطينيين محرومين من الحقوق الأساسية، بما فيها الحق في الحياة والسلامة الجسدية والرعاية الصحية والضمانات القضائية.

وتؤكد تضامن أن استمرار الصمت الدولي يشكّل غطاءً لتمادي سلطات الاحتلال في هذه الانتهاكات، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية لاتخاذ خطوات عاجلة تحول دون تفاقم الكارثة الإنسانية داخل أماكن الاحتجاز.

المؤسسة الدولية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين "تضامن"