ع. أ.، من سكّان محافظة الخليل

  

بتسيلم/ 31.3.24

في يوم الخميس الموافق 18.1.24، في الساعة 4:30 فجرًا، استيقظتُ عندما فجّر الجيش باب منزلنا، ودخل نحو خمسة جنود إلى غرفة النوم. أمسكوا بي من يديّ واقتادوني إلى الساحة، حيث قيّدوا يديّ خلف ظهري وشدّوا الأصفاد بقوّة. كان هناك نحو 20 جنديًّا، حضروا سيرًا على الأقدام.

في الخارج سألني أحد الجنود إن كان لديّ سلاح وأين أخبّئه. فقلتُ له: "ليس لديّ شيء". بعد ذلك أدخلوني إلى غرفة الاستقبال وناولني أحد الجنود هاتفه وأمرني بالتحدّث مع شخص عرَّف نفسه باسم "كابتن نير" من "الشاباك". قال: "سهِّلْ على الجيش تنفيذ المهمّة وأعطِهم ما يوجد لديك". فقلتُ لهم: "ليس عندي شيء. ها هو المنزل أمامك. فتِّشه".

أخذوا هاتفي، و5,000 شيكل نقدًا وشيكات بقيمة 50,000 شيكل عثروا عليها في المنزل. بعد ذلك أخرجوني من المنزل وعصبوا عينيّ وأدخلوني إلى سيّارة عسكريّة

قطع الضابط المحادثة وبدأ الجنود بتكسير أبواب الخزائن الزجاجيّة وبقلب الطاولات والأرائك. استمرّ هذا التفتيش العنيف قرابة ساعة، وقاموا خلاله بتكسير قسم من الأثاث. أمّا أنا فأوقفوني في الزاوية ووجهي نحو الحائط. بعد ذلك أمروني بأن أتحدّث مع الضابط مرّة أخرى عبر الهاتف، فقال لي: "الآن أنت معتقل". أخذوا هاتفي، و5,000 شيكل نقدًا وشيكات بقيمة 50,000 شيكل عثروا عليها في المنزل. بعد ذلك أخرجوني من المنزل وعصبوا عينيّ وأدخلوني إلى سيّارة عسكريّة.

توجّهت السيّارة إلى حاجز عسكريّ. وصلتُ إلى هناك قرابة الساعة 6:00 صباحًا. نقلوني إلى حافلة، واستطعتُ أن أرى قليلًا من تحت عصابة العينين. كانت يداي، المقيّدتان من الخلف، تؤلمانني كثيرًا، لأنّهم أحكموا شدّ الأصفاد بقوّة كبيرة جدًّا. شعرتُ بأنّه بدأ الدم ينزف من يديّ. طلبتُ أن أذهب إلى المرحاض لكنّهم قالوا إنه ممنوع. بعد ذلك طلبتُ ماء، فقالوا إنه غير متوفر.

بقيتُ على هذه الحال حتّى حلّ الظلام، ثمّ أنزلوني من الحافلة وأدخلوني إلى سيّارة عسكريّة نقلتني إلى "عتصيون"، حيث أنزلوني وأجبروني على الركوع في الساحة على ركبتيّ. حضر نحو أربعة جنود. ركلني أحدهم على ظهري وضربني آخر على صدري. صرختُ من شدّة الألم. استمرّوا في ضربي وشتموني: "ابن عاهرة، ابن شرموطة". كان جنديّ يسأل: "من هذا؟"، وكان جنديّ آخر يجيب: "مخرِّب من حماس"، ثمّ كان جنديّ ثالث يقول: "لا. إنّه كبير مخرّبين من فتح". واصلوا ضربي. ركلني أحدهم على صدري بحيث انقطع الهواء بالكامل ولم أستطع التنفّس. أعتقد أنّ الضربة كسرت لي ضلعًا. واصل الجنود ضربي وإهانتي وشتمي طوال ربع ساعة.

بعد ذلك أخذوني إلى زنزانة الاعتقال. جرّني الجنود إلى هناك، لأنّني لم أكن قادرًا على المشي على رِجليّ، ولم أستطع التنفّس أو التكلّم.

مكثتُ هناك في الزنزانة أسبوعًا. بسبب الضرب لم أتمكّن من التكلّم، كنتُ أهمس فقط في آذان المعتقلين الآخرين. لم أقم من السرير إلّا للذهاب إلى المرحاض، وكنتُ أستعين بمعتقل آخر للوصول إلى هناك. لم أغادر الزنزانة ولم أدخّن. طوال هذا الأسبوع، في مركز الاعتقال "عتصيون"، رفضوا إجراء فحص طبي لي أو منحي أيّ علاج طبّيّ.

بسبب الضرب لم أتمكّن من التكلّم، كنتُ أهمس فقط في آذان المعتقلين الآخرين. لم أقم من السرير إلّا للذهاب إلى المرحاض، وكنتُ أستعين بمعتقل آخر للوصول إلى هناك

في اليوم الثامن نقلوني إلى معسكر "عوفر". حقّقوا معي هناك وسألوني إذا كان لديّ سلاح وإذا كنت أنتمي إلى أيّ تنظيم. كان التحقيق قصيرًا جدًّا. بعد ذلك أدخلوني إلى السجن، إلى الجناح 26. كنتُ لا أزال حينها أجد صعوبة في التحدّث والتنفّس، لكنّني كنتُ قادرًا على التحرّك بشكل أفضل وكان الألم أخفّ.

أدخلوني إلى الزنزانة. كان هناك 8 أسرّة، وكنّا نحن 13 سجينًا. كان 5 من السجناء ينامون على الأرض- ليس على فرشات حقيقيّة، بل على قطع من الإسفنج الرفيع. كانت الغرفة باردة جدًّا ولم يكن فيها أيّ وسيلة تدفئة. لم يكن هناك تلفزيون أو راديو.

بعد ثلاثة أيّام في "عوفر" أحضروني للمثول أمام محكمة. قالوا لي إنّهم استصدروا أمر اعتقال إداريّ بحقّي لمدّة ستّة أشهر.

لم يسمحوا لنا بالخروج لاستراحة في الساحة إلّا مرّة واحدة كلّ ثلاثة أيّام، وأحيانًا مرّة واحدة فقط في الأسبوع -للاستحمام فقط والعودة مباشرة إلى الغرفة. كان البقاء في الساحة ممنوعًا. كانوا يحضرون مرّة في الأسبوع عبوة شامبو واحدة لجميع السجناء الذين في الزنزانة. وكان من المفترض أن تكفينا للاستحمام وللاغتسال، ولتنظيف الحمّام الداخليّ الذي في الغرفة ولغسل أدوات الطعام الخاصّة بنا، لكنّها بالطبع لم تكن كافية وكنّا نستحمّ معظم الوقت بدون أيّ صابون. وكانوا يحضرون لنا مرّة كلّ أسبوعين تقريبًا صحنًا وملعقة كبيرة من البلاستيك للاستعمال لمرة واحدة، وكان علينا أن نأكل بهما ونحتفظ بهما لإعادة استخدامهما. ومن كان يفقدهما لم يكن يحصل على غيرهما، وإنّما كان ينتظر حتّى يحضروا أدوات جديدة للجميع.

كنّا ننتظر في الطابور للتوضّؤ قبل الصلاة أو لاستخدام المرحاض. كانت الرائحة في الزنزانة سيّئة جدًّا

كنّا ننتظر في الطابور للتوضّؤ قبل الصلاة أو لاستخدام المرحاض. كانت الرائحة في الزنزانة سيّئة جدًّا. عندما دخلنا إلى السجن أخذوا ملابسنا ولم يبقَ لنا سوى الملابس التي أعطونا إيّاها، وبالتالي لم تكن هناك إمكانيّة لتبديل الملابس أو غسلها.

من ناحية كمّيّة الطعام، فقد أحضروا لـ 13 سجينًا وجبة طعام تكفي لشخصين. على سبيل المثال، كان كلّ أربعة سجناء يتقاسمون علبة قشدة واحدة فيما بينهم. حصل كلّ واحد على ملعقتين كبيرتين من الأرزّ. يمكن القول إنّهم أحضروا كمّيّة من الطعام تكفي لإبقائنا على قيد الحياة.

عندما كان السجّانون يأتون لعَدِّنا كانوا يهينوننا عمدًا. كانوا يأمروننا بالركوع والنظر إلى الحائط. علاوةً على ذلك، كنّا معزولين تمامًا. لم نكن نعرف ما الذي يحدث في الخارج، ولم تكن عائلاتنا تعرف ما الذي يحدث معنا، لأنّه لم تكن هناك أيّة وسيلة اتّصال.

كان في زنزانتي سجين من الظاهريّة يدعى محمّد أحمد الصبّار، كان يعاني من تشوّه في الأمعاء منذ الولادة. كان يعاني من انتفاخ في الأمعاء وكان يحتاج إلى أدوية لتليين البراز وإلى سوائل لمساعدته على هضم الطعام والتخلّص من الإفرازات. خلال الفترة التي كنّا فيها معًا في الزنزانة كان يعاني من انتفاخ شديد جدًّا، لأنّهم لم يعطونا منذ بداية الحرب شيئًا لنأكله سوى كربوهيدرات. طوال الوقت كنّا نطلب من السجّانين أن يُحضروا له طبيبًا، أو أن يأخذوه إلى العيادة أو أن يجلبوا له دواء، لكنّهم رفضوا. في النهاية وصل إلى وضع لم يعد قادرًا فيه على الذهاب إلى المرحاض بتاتًا. نقلوه إلى زنزانة أخرى، وبعد ذلك بأسبوع علمنا بأنّه توفّي.

كان في زنزانتي سجين من الظاهريّة يدعى محمّد أحمد الصبّار، كان يعاني من تشوّه في الأمعاء منذ الولادة [...] طوال الوقت كنّا نطلب من السجّانين أن يُحضروا له طبيبًا، أو أن يأخذوه إلى العيادة أو أن يجلبوا له دواء، لكنّهم رفضوا [...] بعد ذلك بأسبوع علمنا بأنّه توفّي

في 29.2.24، في اليوم الـ 36 من اعتقالي، جاء سجّانان إلى الغرفة وأخذاني. سألتُهما: "إلى أين تأخذانني؟"، فقالا لي إلى سجن "عسقلان". أخذا منّي ملابس السجن وأعطياني بدلة "ترينينغ" رماديّة. جعلاني أوقّع على مستندات ثمّ أدخلاني إلى سيّارة كان فيها 32 سجينًا. قال السجناء إنّهم يعتقدون بأنّهما سيُطلقان سراحنا ولن ينقلانا إلى سجن آخر.

أنزلتنا السيّارة خارج بوّابة "عوفر". سأل أحد أفراد القوّة من منّا يتحدّث العبريّة، فقال أحد السجناء "أنا". أعطوه صندوقًا فيه مغلّفات تحتوي على ودائع جميع السجناء. كان المغلّف الذي تلقّيتُه أنا يحتوي على هاتفي وبطاقة هويّتي. النقود والشيكات التي أخذوها من منزلي لم تكن موجودة. تمّ إطلاق سراحي بعد 36 يومًا على الرغم من أنّهم أصدروا بحقّي أمرًا لـ 6 أشهر.

بعد ثلاثة أيّام من إطلاق سراحي، قرابة الساعة 12:00، اتّصل بي شخص قدّم نفسه على أنّه "كابتن ياسين" من "الشاباك". أمرني بالحضور في اليوم التالي إلى "عتصيون". في تلك الليلة، في الساعة 2:30، جاء الجنود إلى منزلي ثانية وأجروا فيه تفتيشًا استمرّ ساعتين. سألوني مرّة أخرى عن السلاح. كسّروا محتويات المنزل وصادروا لي 1,600 شيكل، سيّارة بدون ترخيص كنتُ أملكها، هاتفين وجهاز DVR لكاميرات المراقبة الخاصّة بالمنزل. قال الضابط إنّه من وحدة مكافحة أموال الإرهاب وأعطاني وصلًا بالأشياء التي صادروها. ثمّ غادروا.

في اليوم التالي ذهبتُ إلى "عتصيون" وأدخلوني إلى التحقيق. سألني الضابط الأسئلة ذاتها – إذا كان لديّ سلاح، إذا كنتُ أنتمي إلى أيّ تنظيم. سألتُه عن النقود التي أخذوها منّي وقلتُ له إنّها نقود زوجتي التي تعمل في وزارة الداخليّة في السلطة. فقال لي إنّ زوجتي شريكة معي وعليها أن تتحمّل المسؤوليّة. وقال إنّهم سيواصلون القدوم إلى منزلي ومصادرة كلّ شيء يجدونه.

- سجّل الإفادة باحث بتسيلم الميدانيّ باسل العدرا في 31.3.24.