تتواصل معاناة الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الصهيوني، حيث يتعرضون لقتل ممنهج باستخدام العديد من السياسات العنصرية، منها الإهمال الطبي والحرمان من الرعاية الصحية، والاعتقال الإداري، والتعذيب الجسدي والنفسي. وحل يوم أمس الاثنين، يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف 17 أبريل من كل عام.
وتأتي هذه المناسبة، والحالة الصحية للأسير وليد دقة تزداد خطورة، حيث تم استئصال جزء من رئته اليمنى، وهو حاليًا في غرفة العناية الفائقة، فيما حالة الأسير خضر عدنان المضرب عن الطعام منذ (73) يومًا صعبة للغاية، حيث حذرت جهات حقوقية من استشهاده بأي لحظة.
تعقيبًا على ذلك، يؤكّد مسؤول مكتب الشهداء والأسرى والجرحى في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عوض السلطان، لـ "بوابة الهدف"، أنّ "الوضع الصحي للأسير دقة خطير جدًا نتيجة سياسة الإهمال الطبي التي يمارسها الاحتلال بحقه، حيث تم تشخيص وليد بمرض التليف النقوي Myelofibrosis (سرطان نادر يصيب نخاع العظم) خلال العام الماضي، والذي تطور عن سرطان الدم اللوكيميا الذي تم تشخيصه في العام 2015".
ويُشير السلطان، إلى أنّ "وليد يحتاج إلى عناية صحية مكثفة من ناحية الرئتين والكلى والدم، كما يحتاج إجراء عملية زرع نخاع بالغة الحساسية (علمًا أنه يتوفر أكثر من متبرع)، بالإشارة إلى أن مثل هذه العمليات تقتضي بيئة علاجية محددة، والتي لا يتوفر الحد الأدنى منها في السجون.
ويلفت السلطان، إلى أنّ "الأسير دقة تحدى السجان بإنجاب ابنته عبر عمليات النطف المهربة، وتحداه أيضًا بقلمه وكتاباته، لذلك أراد الاحتلال اغتيال قلمه وحلمه وخياله لأنّه استطاع نقل الحقيقة من داخل السجن والانتصار عليه".
أداة قتل ممنهجة
ويستخدم الاحتلال العديد من الأدوات لقتل الأسرى، يوضّح السلطان، إنّ "سياسة الإهمال الطبي هي أداة قتل ممنهجة ضمن جملة أساليب الاحتلال في تعذيب الأسرى، حيث أنّ ما يسمى بمصلحة السجون تستخدم تلك السياسة مع الأسير عندما تفشل في الحصول على أي معلومة منه"، مبينًا أنّ "عيادات الاحتلال مثل "الرملة وسوروكا وبرزلاي"، هي مسالخ قتل بطيء وليس لتقديم العلاج، وتفتقر لأدني مقومات الرعاية الصحية، والأطباء فيها أقسموا على قتل الأسرى، من خلال عدم التشخيص لأنّهم يعملون ضمن الجهاز الصهيوني".
وفي حديثه "للهدف" عن شهداء والمرضى نتيجة الإهمال الطبي، يضّيف السلطان، أنّ "عدد الشهداء بلغ 76 شهيد، وهناك 12جثة شهيد محتجزة"، مبينًا أنّ "عدد الأسرى المرضي 714 أسير مريض، موزعين على النحو التالي: 25 سرطان وخطيرة قد يرتقوا في أي وقت مثل وليد دقة، والباقي أمراض مزمنة وعديدة".
وتحاول ما تسمى بمصلحة السجون، أنّ تفشل إضراب الأسرى من خلال حرمانه من الرعاية الطبية، يلفت السلطان، أنّ "عندما يشرع الأسير بالإضراب تعمل مصلحة السجون على تحقيق فك الإضراب، للانتصار على الأسير كي لا يحقق شيء"، مشيرًا إلى أنّ "الاحتلال يتعمد في السنوات الأخيرة واعتبرها ناجحة لاغتيال الأسرى دون أن تدينه أي مؤسسة دولية أو حقوقية".
ويبين السلطان، أنّ "السجون تقع في أماكن صحراوية، حيث يعاني الأسرى في الشتاء من برد قارص وفي الصيف من حر شديد، إضافة للحشرات في السجون التي تجلب الأمراض وتنقل العدوى من أسير لآخر".
وشهد العام الجاري انتهاكاً جسيمًا بحق الأسرى على صعيد الاعتقالات الإدارية، وتُمارسه قوات الاحتلال الصهيوني من خلال إصدار الحاكم العسكري أوامر اعتقال تتراوح مدتها من شهر واحد إلى ستة أشهر، قابلة للتجديد دون تحديد عدد مرات التجديد، ويعد الاعتقال الإداري بالصورة التي تمارسها دول الاحتلال غير قانوني.
سيف مسلط على رقاب المعتقلين
ويصف المختص بقضايا الأسرى د. رأفت حمدونة، الاعتقال الإداري "بالسيف المسلط على رقاب المعتقلين الفلسطينيين بقرار من جهاز الشباك والمحاكم العسكرية الصهيونية، وعشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني من كانوا ضحية هذا الاعتقال التعسفي".
ويوضّح حمدونة، أنّ "الاعتقال الإداري هو إجراء تلجأ له قوات الاحتلال لاعتقال الفلسطينيين دون تهمة محددة ودون محاكمة، وتتذرع أجهزة الأمن بوجود معلومات سرية لا يحق للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، وغالباً ما يتم تجديد أمر الاعتقال الإداري بحق المعتقل ولمرات متعددة، يستند لقانون الطوارئ البريطاني المخالف لقيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الانسان".
ويقول حمدونة، إنّ "إدارة معتقلات الاحتلال تمارس جملة من الإجراءات التنكيلية والانتقامية بحق الأسرى المضربين المناهضين للاعتقال الاداري، في محاولة لكسر خطوات الإضراب المفتوحة عن الطعام أبرزها: حرمانهم من زيارة العائلة، وعرقلة تواصل المحامين معهم، ونقلهم المتكرر من معتقل إلى آخر، وعزلهم في زنازين لا تصلح للعيش الآدمي، وقيام السّجانين بمضايقات على مدار الساعة"، لافتًا إلى أنّ "هذه الإجراءات القمعية هذه إلى ذهاب الأسرى إلى مواجهة السّجان بالإضراب عن الطعام، مثل الأسير خضر عدنان المضرب منذ 72 يومًا عن الطعام"، فيما يؤكّد على أنّ "معظم خاض إضرابات المفتوحة عن الطعام للأسرى الاداريين تكللت بالنصر".
قضية عادلة وإنسانية
وبخصوص دور المؤسسات الخاصة بالأسرى، يبين حمدونة، أنّ "دورها لا يقتصر على التوثيق فقط بل تحتاج إلى تدويل، باعتبار قضية الأسرى عادلة وإنسانية ويمكن تسويقها في العالم بسهولة.
ويشير حمدونة، إلى المؤسسات الفلسطينية الخاصة بالأسرى، لها أدوار مختلفة، منها "الإعلامي، حيث تعريف العالم بقضية الأسرى وتدويلها، وفضح جرائم الاحتلال بحقهم، ومنها القانوني، حيث يجب طرح هذه القضية في المحافل الدولية بالتعاون مع المنظمات الحقوقية والإنسانية".
ويتابع، أنّ "الدور السياسي، حيث يجب طرحها في كل جولات القيادة الفلسطينية مع الدول العربية والدولية حمدونة، والدور الدبلوماسي، يجب طرحها من قبل وزارة الخارجية على السفراء، وأخيرًا التعاون مع المتضامنين، وعدم الاكتفاء بالفعاليات المحلية".
جدير بالذكر، أنّ سلطات الاحتلال الصهيوني، تواصل اعتقال نحو (4900) أسير/ة، بينهم (31) أسيرة، و(160) طفلًا بينهم طفلة، تقل أعمارهم عن (18) عامًا، في سجونه.
المصدر: بوابة الهدف