تعتبر قضية الأسرى الفلسطينيين ومعاناتهم والتدابير والإجراءات الإسرائيلية المتبعة نحوهم، واحدة من أبرز السياسات الإسرائيلية الأكثر قساوة وانتهاكا لالتزامات سلطة الاحتلال، وقد أقرت مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني شرعية المقاومة الفلسطينية، لتؤكد على أن أفرادها مناضلون ومقاتلون تنطبق عليهم وتحميهم ذات المبادئ والقواعد القانونية الدولية، الا ان سلطة دولة الاحتلال تأبى أن تنصاع لهذا الإطار القانوني الدولي الناظم لوضع الأسرى الفلسطينيين.
عقوبة الإعدام قائمة في القانون العسكري الإسرائيلي، وهي تركة أنظمة الطوارئ في الانتداب البريطاني في فلسطين، أي أنها تعود إلى عام 1945 ولم يتم إلغاؤها، كما أن قانون الإعدام موجود في القانون الإسرائيلي منذ عام 1953، إلا أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية جمدت التعامل بـه.
وبالعودة إلى عشرات السنين، فقد صدر حكم بالإعدام ضد الأسيرين المحررين كريم يونس وابن عمه ماهر يونس بعد انتهاء مدة حكمهما البالغة 40 سنة بعد اعتقالهما عام 1983، وتم لاحقا تعديل الحكم إلى المؤيد، كما أن الأسرى محمود حجازي، وموسى جمعة، وموسى منصور، وغيرهم، حكموا بالإعدام جميعا.
عندما تم الإعلان عن قيام دولة الاحتلال الاسرائيلي في مايو 1948 ورث الاحتلال الإرث القانوني للانتداب البريطاني، مع بعض التعديلات، وبالتالي ظلت عقوبة الإعدام على الورق، ونفذت أول عملية إعدام في دولة الاحتلال بعد اتهام مثير توبيانسكي، ضابط بجيش الاحتلال الإسرائيلي، بالتجسس وتم إعدامه رميا بالرصاص، لكن تم تبرئته لاحقا بعد وفاته، كذلك اصدار حكم بالاعدام عام ١٩٦٢، بحق الضابط الألماني أدولف إيخمان الذي كان متهماً بارتكاب جرائم حرب نازية.
مؤخراً، صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع، على مشروع قانون فرض عقوبة الإعدام على أسرى فلسطينيين، كما صادق الكنيست بالقراءة التمهيدية عليه بتاريخ ۱-۳-۲۰۲۳، وينص مشروع القانون على إلزام المحكمة بفرض عقوبة الإعدام على أسرى فلسطينيين أدينوا بقتل إسرائيليين.
ومشروع قانون إعدام الأسرى، وفق وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة، جريمة حرب دولية باعتباره مخالفاً لاتفاقية جنيف السادسة والرابعة لعام 1949، وللبروتوكول الأول الملحق باتفاقية جنيف لعام 1977، وانتهاكا صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، وحقوق الإنسان.
وينسف المركز القانوني للأسرى الفلسطينيين «مشروعية» هذا القانون، لأنهم «معتقلـون مـن أجـل الحرية والاستقلال، وكافة نضالاتهم مكفولة وفق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وخاصة أن البروتوكول الأول للمادة الرابعة الذي ينص على أن حركات التحرر التي تناضل من أجل حق تقرير المصير، وضد الاحتلال الأجنبي يعتبر نضالها نزاعاً مسلحاً دولياً، وهذا ما ينتمي إليه النضال الشعبي الفلسطيني في القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني .
مشروع القانون الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي 2 قراءة تمهيدية يوم 1-3--۲۰۲۳م هو مشروع قديم جديد، ويقضي بفرض عقوبة الإعدام على أسرى فلسطينيين أدينوا بقتل إسرائيليين، مشروع القانون من إعداد وتقديم زعيم حزب القوة اليهودية» (14 مقعدا) وزير الأمن القومي إيتمـار بـن غفـيـر، في إطار صفقة تشكيل الائتلاف الحكومي برئاسة زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو أواخر ٢٠٢٢، وقبـل تقديمه للهيئة العامة للكنيست، صادقت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع يـوم ٢٦-٢-٢۰۲۳ على مشروع القانون.
قال الكنيست في بيان على موقعه الإلكتروني إن 55 عضوا أيدوا مشروع القانون وعارضه 9 من بين ۱۲۰عضوا هم مجموع أعضاء الكنيست. ووفق البيان، ينص مشروع القانون على إيقاع عقوبة الموت بحق كل شخص يتسبب عن قصد أو بسبب اللامبالاة في وفاة مواطن إسرائيلي بدافع عنصري أو كراهية ولإلحاق الضرر بإسرائيل».
وذكر أن السنوات الأخيرة شهدت تزايد الأعمال الإرهابية لقتل اليهود لكونهم يهودا»، وفي حال اعتقالهم يحصلون على ظروف جيدة في السجون ورواتب من السلطة الفلسطينية، وقد يطلق سراح معظمهم في صفقة أو أخرى»، مدعيا أن الغرض من القانون «هو القضاء على الإرهاب وخلق قوة ردع».
القانون ليس جديدا، أدخلت عليه بعض التعديلات، وفي السنوات الأخيرة قدمت عدة مشاريع قوانين تقضي بتخفيف شروط فرض عقوبة الإعدام على المقاومين الفلسطينيين، وفق المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، ذكر منها:
- يونيو/حزيران ٢٠١٥:
قدم زعيم حزب «إسرائيل بيتناء أفيغدور ليبرمان مشروعا مشابها، لكن الهيئة العامة للكنيست أسقطته منتصف يوليو/ تموز ٢٠١٥، و2 أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته أعيد طرحه مجددا من قبل النائب شارون غال إلا أنه استقال لاحقا من الكنيست
- يونيو/حزيران ٢٠١٦:
كان مشروع القانون أحد شروط انضمام حزب «إسرائيل بيتنا» لحكومة بنيامين نتنياهو، وتجاوز القراءة التمهيدية بدايات ٢٠١٧، وتوقف بسبب معارضة المستشار القضائي للحكومة والمستشار القضائي للكنيست، ثم في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه أعيد طرحه ولم يكتب له الاستمرار
- يناير/كانون الثاني ٢٠١٨:
أقرت الهيئة العامة للكنيست القانون بالقراءة التمهيدية، لكنه قوبل باعتراض واسع من وزارة العدل الإسرائيلية وجهات حقوقية محلية وعالمية.
- أبريل/نيسان ۲۰۲۰:
عضو الكنيست ميكي زوهر (ليكود) يعيد طرح مشروع القانون، وأقر بالقراءة التمهيدية، لكنه لم يتقدم أكثر بسبب رفضه محليا وعالميا.
- ۲۰۲۱: طرح القانون للنقاش 4 مرات من قبل عضو الكنيست إيتمار بن غفير وأعضاء في حزب الليكود، غير أنه لم يتجاوز مراحل التشريع الأولى.