"كارثة صحيّة في سجن (النقب) مع استمرار انتشار مرض الجرب –سكايبوس بين صفوف الأسرى"
منظومة سجون الاحتلال حوّلت مرض الجرب لأحد أبرز أساليب التعذيب الجسدي والنفسي بحقّ الأسرى
4/11/2024
رام الله - قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، إنّ كارثة صحية تخيم على سجن (النقب) الذي يحتجز فيها الآلاف من الأسرى، جرّاء انتشار مرض الجرب -أو ما يعرف بالسكايبوس- بين صفوف المئات من الأسرى، وإصابتهم بأعراض صحية صعبة ومعقدة، مع استمرار إدارة السّجون التّعمد في ترسيخ الأسباب الأساسية التي أدت لانتشاره، وكذلك التّعمد بحرمان الأسرى من العلاج، واستخدامه أداة لتعذيبهم جسدياً ونفسياً.
وتابعت الهيئة والنادي، أنّه ومن خلال عدة زيارات أجراها محامو الهيئة والنادي مؤخراً لـ(35) أسيراً ومعتقلاً في سجن (النقب) من تاريخ 27 -30 أكتوبر المنصرم، عكست إفادات الأسرى، الظروف الاعتقالية المأساوية والحاطة بالكرامة الإنسانية التي يعيشونها، والتي تؤكّد مجدداً على أنّ منظومة السّجون تسعى لقتل الأسرى بأي وسيلة ممكنة، ومنها المساهمة في انتشار الأمراض بين صفوفهم، هذا إلى جانب جملة الجرائم الممنهجة وأساسها جرائم التّعذيب والجرائم الطبيّة، خاصّة أنّ هناك المئات من الأسرى في السّجن المذكور هم من المرضى ومن ذوي الحالات الصحيّة المزمنة والصعبة.
ولفتت الهيئة والنادي، أن العديد من الأسرى المرضى تتعمد إدارة السّجون مؤخرا نقلهم إلى سجن (النقب)، الذي شكّل وما يزال عنواناً لجرائم التعذيب، والاعتداءات الجسدية الجنسية، وانتشار الأمراض وتحديدا لمرض الجرب، بهدف قتلهم، فمن بين (35) أسيراً تمت زيارتهم في سجن (النقب)، كان من بينهم (25) أسيرا مصابون بمرض الجرب.
وفي هذا الإطار تؤكّد الهيئة والنادي، إنّ هذه عينة صغيرة عن المئات من الأسرى المصابين، الذين يتعرضون لجرائم طبيّة ممنهجة، وعمليات تعذيب على مدار الساعة، من خلال استخدام إدارة السّجون المرض أداة لتعذيبهم، حيث تضمنت إفادات الأسرى جميعهم، تفاصيل قاسية جداً، حول معاناتهم من المرض دون تلقي أي نوع من العلاج، ودون محاولة إدارة السّجون معالجة الأسباب التي ساهمت، وتساهم في استمرار انتشار المرض، وأبرزها: (قلة مواد التنظيف، عدم تمكّن الأسرى من الاستحمام بشكل دائم، انعدام توفر ملابس نظيفة، فمعظم الأسرى لا يملكون إلا غيار واحد، عدم وجود غسالات، حيث يضطر الأسرى غسل الملابس على أيديهم، كما تمنعهم إدارة السّجن من نشرها كي تجف لذلك تبقى رطبة، الأمر الذي ساهم بشكل كبير بانتشار الأمراض الجلدية بين الأسرى، كما لا تستجيب إدارة السّجن لمطالبات الأسرى المتكررة بتوفير العلاج أو حتى إخراجهم للعيادة).
وتستعرض الهيئة والنادي، مجموعة من الإفادات التي نقلها المحامون خلال الزيارة.
فقد أفاد الأسير(ر.م) والمعتقل منذ نحو عام، والذي تعرض لاعتداء وحشي في شهر نوفمبر العام الماضي، وتسبب بإصابته بإصابة بليغة في قدمه اليسرى، وبقي عدة شهور في سجن (الرملة) يستخدم كرسي متحرك، حتى جرى نقله في شهر تموز إلى سجن (النقب)، قبل إتمام علاجه، وحتّى اليوم يعاني من أوجاع شديدة في قدمه، ويعتمد في حركته على عكاز، وما فاقم من وضعه الصحيّ، هو إصابته بمرض الجرب – السكايبوس، دون تقديم أي علاج له، فهو متواجد في (غرفة- زنزانة) إلى جانب تسعة أسرى، وجميعهم مصابون بالمرض، ولا يستطيعون حتّى النوم من شدة الحكة.
كما وأفاد الأسير(ع.ة) المعتقل منذ عام 2007، "إنّ استمرار انتشار مرض الجرب بين صفوف الأسرى، كارثة، فغالبية الأسرى في سجن (النقب) يعانون من المرض، دون توفير العلاج اللازم، وفقط وبشكل محدود يتعاملون مع بعض الحالات عندما تصل إلى مرحلة خطيرة وصعبة، وهو كذلك متواجد مع مجموعة من الأسرى المصابين بالمرض".
أما الأسير (م.ي) فقد وصف المعاناة من المرض، "بأن ظهور حبة واحدة على الجلد كفيلة لحرمان الأسير من النوم طوال الليل، حتى أصبح غالبية الأسرى يتمنون العلاج أكثر من الحرية، نتيجة للعذاب اللحظي الذي يعيشونه".
ومن ضمن الحالات الصحية والصعبة جدا في سجن (النقب) حالة الأسير المسن عبد الرحمن صلاح (71 عاما) من جنين وهو من الأسرى القدامى ومن محرري صفقة (وفاء الأحرار) المعاد اعتقالهم، فالأسير صلاح يعتبر من أسوأ الحالات المرضية في سجون الاحتلال، والذي يتعرض فعليا لعملية قتل بطيء، فهو يعاني من ضعف شديد في النظر، وضعف في السمع، إلى جانب عدة مشكلات صحية أخرى تفاقمت بعد الاعتداء الذي تعرض له في سجن (النقب) بعد الحرب على يد قوات (النحشون)، والذي تسبب له بنزيف جزئي في الدماغ، وفقدان مؤقت للذاكرة، إلى جانب أعراض أخرى أثرت بشكل كبير على إمكانية تلبية احتياجاته الخاصّة، حيث نقل في حينه إلى مستشفى (شعاري تصيدق) ثم إلى سجن (الرملة) ومكث هناك فترة، ورغم حالته الصعبة أعادوه إلى سجن (النقب)، وقد أصيب الأسير صلاح بمرض الجرب الذي ضاعف من معاناته التي لا توصف.
فيما أكّد الأسير (ص.ل): "أنه أصيب بمرض الجرب منذ أربعة شهور، وما يزال يعاني من انتشار الدمامل في جسده، ومنذ إصابته حتى اليوم لا يتلقى أي نوع من العلاج".
وفي إفادة أخرى للأسير (إ.م)، أكدّ أنّ معاناة أسرى النقب، لم تعد توصف، ولا يمكن تصورها أو التعامل معها، وتحديدا مع انتشار مرض الجرب، فحالة الخوف التي يعيشها الأسرى من استمرار انتشار المرض تزداد، خاصّة أن إدارة السّجن تتعمد نقل الأسرى المصابين إلى غرف أسرى غير مصابين، الأمر الذي أدى إلى تفشي المرض بشكل كبير، وكل ذلك يتم إلى جانب استمرار عمليات التعذيب وحرمان الأسرى من أدنى مقومات الحياة الاعتقالية، وأشار الأسير إلى حالة الأسير المريض محمد حسن زغلول الذي يعاني من إصابته بمرض أعصاب نادر، حيث أصيب بمرض الجرب، ووضعه الصحي في تفاقم مستمر.
تؤكّد هيئة الأسرى ونادي الأسير، أنّه وفي إطار التفاصيل المذكورة أعلاه، فإن استمرار انتشار مرض الجرب- السكايبوس بين صفوف الأسرى، وتحديدا المرضى سيكون سببا في استشهاد أسرى داخل السّجون، إلى جانب جملة الأسباب التي أدت إلى استشهاد العشرات من الأسرى والمعتقلين منذ بدء حرب الإبادة، وتحديدا جرّاء عمليات التعذيب، علماً أن مرض الجرب تحوّل فعلياً إلى أداة تعذيب وتنكيل وقتل، في ضوء عشرات الإفادات التي تمت متابعتها، وعلى الرغم من بعض الجهود القانونية التي تبذلها مؤسسات في الأراضي المحتلة عام 1948، من خلال ما تسمى المحكمة العليا للاحتلال، إلا أنّ الواقع يؤكّد أن منظومة الاحتلال بما فيها الجهاز القضائي يساهم اليوم بشكل أساس في قتل الأسرى، وفي بنية التوحش التي تستهدف الأسرى، كأحد أوجه حرب الإبادة المستمرة.
وجددت الهيئة والنادي مطالبتهما للمنظومة الحقوقية الدولية، بضرورة استعادة دورها الذي فقدته وسقط أمام مستوى جرائم حرب الإبادة المستمرة، والتي تتم بدعم واضح من قوى استعمارية ساهمت وتساهم في منظومة التوحش الإسرائيلية، وأحد أوجها الجرائم التي تنفذ بحقّ الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال ومعتقلاته.
ملاحظة:"جميع من تمت زيارتهم خرجوا للزيارة وهم معصوبي الأعين، ومقيدي الأطراف، وجميعهم تعرضوا لعمليات إذلال، وتنكيل، من خلال عملية سحب مهينة تتم بحقّهم، وإجبارهم على الجلوس على ركبهم حتى الخروج من القسم"
(انتهى)