مقابر الأرقام

مقابر الأرقام

مصطلح “مقابر الأرقام” يُطلق على مدافن سرّية محاطة بالحجارة، من دون شواهد، حيث تُثبّت على أعلى القبر لوحة معدنية تحمل رقماً معيناً، ولهذا سميت بـ “مقابر الأرقام” لأنها تتخذ من الأرقام بديلاً عن أسماء الشهداء، حيث أن لكل رقم ملف خاص، تحتفظ به مؤسسات العدو الصهيوني، ويشمل المعلومات والبيانات الخاصة بالشهيد. من الجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال تنتهج سياسة إهمالٍ متعمّد بحق جثامين شهدائنا، حيث لا تحتفظ بمعلوماتٍ وافيةٍ عن الجثامين أو تتدعي عدم امتلاكها لهذه المعلومات ولا تدون في بعض الأحيان أين دُفن الشهيد ولا تحتفظ بعينات الدي إن إيه وغيرها من السياسات التي تهدف إلى الإيذاء المتعمّد لأهل الشهيد والشعب الفلسطيني ككل. تخضع مقابر الأرقام لما يسمى “وزارة الدفاع الإسرائيلية” وهي مناطق عسكرية مغلقة يمنع الاقتراب منها أو تصويرها، يطلق الاحتلال عليها اسم “مقابر قتلى العدو”، ولا يسمح لذوي الشهداء أو ممثلي المؤسسات الدولية والإنسانية أو وسائل الإعلام بزيارتها.

ما زال كيان الاستعمار الصهيوني يحتجز جثامين مئات الشهداء الفلسطينيين والعرب الذين استشهدوا في مراحل مختلفة من النضال الوطني الفلسطيني، بالإضافة إلى أسرى، قتلوا تحت التعذيب أو ماتوا بسبب الإهمال الطبي المتعمد، ودفنوا في هذه المقابر السرّية. مقابر الأرقام موزعة على أربعة مواقع، وتُعدّ مناطق عسكرية مغلقة، يمنع دخولها، إضافة إلى احتجاز عدد غير معروف من جثامين الشهداء في ثلّاجات في معسكرات ومستشفيات تابعة لجيش الاحتلال.

وتؤكد مؤسسات حقوقية وإنسانية عدة أن «مقابر الأرقام» هي سياسة استعملها الاحتلال منذ احتلال فلسطين، إلا أنها تكرست منذ انطلاق العمل الفلسطيني المسلح بعد الرابع من يونيو عام 1967، كما تؤكد هذه المؤسسات أنها لم تستطع معرفة العدد الحقيقي لـ«مقابر الأرقام» وأماكنها، وعدد الشهداء المدفونين داخلها، وهوياتهم. ووفق معطيات الصحافة الصهيونية، فإن تلك المقابر تفتقد إلى الحد الأدنى من المواصفات التي تصلح لدفن الأموات من البشر، حتى أن بعضها ربما يكون قد ضاع تماماً بفعل انجراف التربة والعوامل الجوية. ويحرص الاحتلال الصهيوني على إبراز همجيته في تعامله مع جثامين شهدائنا الأبرار، إذ يجري في أغلبية الأحيان وضع الجثمان في كيس بلاستيكي ثم طمره بالرمال والطين، من دون وضع عازل إسمنتي، وأحياناً يدفن أكثر من شهيد في القبر نفسها، وربما تضم القبور شهداء من الرجال والنساء. بعد مداولات قضائية أفرج الاحتلال عام ٢٠١٢ عن عشرات الجثامين، ورفض الإفراج عن الباقي والتي بقيت في مقابر الأرقام.