المحاكمات العسكرية الإسرائيلية للأسرى الفلسطينيين
المقدمة
تُعدّ المحاكم العسكرية الإسرائيلية أحد أبرز أدوات الاحتلال لفرض سيطرته على الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. فبدلاً من أن تكون هذه المحاكم إطارًا قضائيًا لضمان العدالة، تحوّلت إلى أداة قمع ممنهجة تُشرعن الاعتقال والتعذيب والإدانة الجماعية للفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال والنساء والمدنيون العُزّل.
ويُحاكم آلاف الفلسطينيين سنويًا أمام هذه المحاكم التي تعمل خارج المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، في خرقٍ واضح للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
أولاً: البنية القانونية للمحاكم العسكرية
1. الموقع والهيكل
تُدار منظومة المحاكم العسكرية في معسكرين رئيسيين:
2. الصلاحيات
يُمنح القائد العسكري صلاحيات واسعة بموجب الأوامر العسكرية الإسرائيلية لمحاكمة أي فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك المناطق المصنفة (أ) والخاضعة نظريًا لسيطرة السلطة الفلسطينية.
ولا تشمل هذه الصلاحيات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة، الذين يُحاكمون أمام محاكم مدنية إسرائيلية، ما يُكرّس نظامًا قضائيًا مزدوجًا وتمييزًا عنصريًا واضحًا.
3. القضاة والنيابة
يُعيّن القضاة ووكلاء النيابة والمترجمون من قبل القائد العسكري الإسرائيلي نفسه، الذي يملك أيضًا سلطة إصدار وتعديل الأوامر العسكرية. هذا التداخل بين السلطات يُفقد المنظومة القضائية أي استقلالية، ويجعل القاضي في آنٍ واحد خصمًا وحَكمًا.
وتُصدر هذه المحاكم قراراتها استنادًا إلى أوامر عسكرية فضفاضة تسمح بالاعتقال لأسباب "أمنية" غير محددة، وغالبًا ما تُبنى الأحكام على اعترافات انتُزعت تحت التعذيب.
الانتهاكات في المحاكم العسكرية
تُستخدم المحاكم العسكرية لتغطية سياسة الاعتقال الإداري، حيث يُحتجز الفلسطينيون لأشهر وسنوات دون توجيه تهم رسمية أو محاكمة عادلة.
ويُمنع المعتقلون ومحاموهم من الاطلاع على "الملفات السرية" التي تستند إليها النيابة، ما يجعل الدفاع مستحيلاً فعليًا.
بلغ عدد المعتقلين الإداريين أكثر من 3544 فلسطيني حتى منتصف أكتوبر عام 2025، بينهم أطفال ونساء، وفقًا لبيانات نادي الأسير الفلسطيني ومؤسسة الضمير.
محاكمة الأطفال
تحاكم إسرائيل الأطفال الفلسطينيين أمام محاكم عسكرية، في انتهاك صارخ لاتفاقية حقوق الطفل.
يُعتقل سنويًا ما يقارب 700 طفل فلسطيني، بعضهم لا يتجاوز الثانية عشرة من عمره، وغالبًا ما يُجبرون على التوقيع على اعترافات مكتوبة بالعبرية دون فهمها.
ويتعرضون أثناء التحقيق والاحتجاز للتعصيب والضرب والتهديد والحرمان من وجود ذويهم أو محاميهم.
غياب الضمانات القانونية
تعقد الجلسات باللغة العبرية، ويُحرم المعتقلون من مقابلة محاميهم قبل المثول أمام المحكمة، وتُرفض طلبات التأجيل أو الاستئناف بسهولة.
كما تُستخدم الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كأدلة رئيسية، ما يجعل نسبة الإدانة في هذه المحاكم تتجاوز 99% وفق تقارير بتسيلم وهيومن رايتس ووتش.
التعذيب وانتزاع الاعترافات
تُمارس سلطات الاحتلال التعذيب الجسدي والنفسي بصورة منهجية أثناء التحقيق، بما في ذلك الحرمان من النوم، والضرب المبرح، والتعليق لفترات طويلة، والعزل الانفرادي.
وتُعتبر الاعترافات الناتجة عن هذه الممارسات "أدلة قانونية" داخل المحاكم العسكرية، في تجاهلٍ تام لحظر التعذيب المنصوص عليه في اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984.
القوانين الدولية المنتهكة
|
مضمون الانتهاك |
المرجع القانوني الدولي |
|
تحظر محاكمة المدنيين في الأراضي المحتلة أمام محاكم عسكرية تابعة لقوة الاحتلال. |
اتفاقية جنيف الرابعة (1949) – المادة 66 |
|
تكفل الحق في محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة ومحايدة. |
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية – المادة 14 |
|
تحظر محاكمة الأطفال أمام محاكم عسكرية وتُلزم بتوفير ضمانات خاصة لحمايتهم. |
اتفاقية حقوق الطفل (1989) |
|
تُلزم الدول بمنع التعذيب وعدم قبول أي اعترافات انتُزعت بوسائله. |
اتفاقية مناهضة التعذيب (1984) |
الخاتمة والتوصيات
إنّ المحاكم العسكرية الإسرائيلية ليست سوى أداة قانونية شكلية تُستخدم لتغطية نظام القمع والاحتلال، وهي تمثل انتهاكًا ممنهجًا للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان الأساسية.
وتدعو المؤسسة الدولية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين (تضامن) المجتمع الدولي إلى: