عيدُنا يوم حُريتهم وعودتهم إلى أحضان من يُحبون

  

٩٥٠٠ ‬‭ ‬معتقل‭ ‬فلسطيني‭ .. ‬سنبقى‭ ‬نحمل‭ ‬أصواتهم،‭ ‬وننقل‭ ‬معاناتهم

عيدُنا‭ ‬يوم‭ ‬حُريتهم‭ ‬وعودتهم‭ ‬إلى‭ ‬أحضان‭ ‬من‭ ‬يُحبون

في‭ ‬زنازين‭ ‬باردة‭ ‬وجدران‭ ‬صامتة،‭ ‬يقضي‭ ‬9،500‭  ‬أسير‭ ‬فلسطيني‭ ‬عيدهم‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ (‬350‭) ‬طفلاً،‭ ‬و‭(‬22‭) ‬أسيرة،‭ ‬و‭(‬3405‭)‬‭ ‬معتقلا‭ ‬إداريا‭ ‬و‮٧٠٠‬‭ ‬اسير‭ ‬مريض،‭ ‬محرومين‭ ‬من‭ ‬أبسط‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬بعيدين‭ ‬عن‭ ‬عائلاتهم‭ ‬وأطفالهم‭ ‬الذين‭ ‬ينتظرونهم‭ ‬بعيون‭ ‬تملؤها‭ ‬الدموع‭ ‬ومشاعر‭ ‬يعيشها‭ ‬الألم،‭ ‬فمنذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬أغلقت‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬أبواب‭ ‬الزيارة‭ ‬العائلية‭ ‬للأسرى‭ ‬بالكامل،‭ ‬وتحولت‭ ‬الأعياد‭ ‬إلى‭ ‬لحظات‭ ‬من‭ ‬الحزن‭ ‬والأسى،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬حضن‭ ‬لأب‭ ‬ولا‭ ‬قبلة‭ ‬لأم‭ ‬ولا‭ ‬ضحكات‭ ‬لأبناء‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬تلك‭ ‬الجدران‭ ‬القاسية‭.‬

63‭ ‬شهيدًا‭ ‬أسيرًا‭ ‬ارتقوا‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم،‭ ‬بعضهم‭ ‬استشهد‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬التعذيب،‭ ‬وآخرون‭ ‬أزهقت‭ ‬أرواحهم‭ ‬بالإهمال‭ ‬الطبي‭ ‬المتعمد،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬احتجاز‭ ‬قاسية‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬الرحمة،‭ ‬أما‭ ‬المرضى،‭ ‬فهم‭ ‬يُتركون‭ ‬فريسة‭ ‬للوجع،‭ ‬دون‭ ‬علاج‭ ‬أو‭ ‬رعاية،‭ ‬حتى‭ ‬تفشى‭ ‬بينهم‭ ‬مرض‭ ‬الجرب‭ (‬سكابيوس‭)‬،‭ ‬ليضيف‭ ‬انتهاكاً‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬إلى‭ ‬أجساد‭ ‬أنهكها‭ ‬السجن‭ ‬والتنكيل،‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬بين‭ ‬صفوف‭ ‬معتقلي‭ ‬غزة‭ ‬رهن‭ ‬الإخفاء‭ ‬القسري‭. ‬

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬استمرت‭ ‬حملات‭ ‬الاعتقال‭ ‬اليومية‭ ‬الممنهجة‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة،‭ ‬نحو‭ (‬15700‭) ‬حالة‭ ‬اعتقال‭ ‬في‭ ‬الضّفة،‭ ‬مصحوبة‭ ‬بجرائم‭ ‬وانتهاكات‭ ‬متصاعدة،‭ ‬منها‭: ‬عمليات‭ ‬تنكيل‭ ‬واعتداءات‭ ‬بالضرب‭ ‬المبرّح،‭ ‬وتهديدات‭ ‬بحقّ‭ ‬المعتقلين‭ ‬وعائلاتهم،‭ ‬وهدم‭ ‬منازل‭ ‬تعود‭ ‬لعائلات‭ ‬أسرى،‭ ‬واستخدام‭ ‬أفراد‭ ‬من‭ ‬عائلاتهم‭ ‬رهائنا،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬استخدامهم‭ ‬معتقلين‭ ‬دروعاً‭ ‬بشرية‭.‬

منذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬تصاعدت‭ ‬حملة‭ ‬الاعتقالات‭ ‬بحق‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ايضاً،‭ ‬حيث‭ ‬يُزجّ‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بلا‭ ‬رحمة،‭ ‬محرومين‭ ‬من‭ ‬حقوقهم‭ ‬الأساسية،‭ ‬حيث‭ ‬يتعرضون‭ ‬لتعذيب‭ ‬نفسي‭ ‬وجسدي‭ ‬خلال‭ ‬الاعتقال‭ ‬والتحقيق،‭ ‬ويُجبرون‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬تحت‭ ‬التهديد‭ ‬والضرب،‭ ‬بينما‭ ‬يُحتجزون‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬غير‭ ‬إنسانية،‭ ‬دون‭ ‬تعليم،‭ ‬ودون‭ ‬رعاية‭ ‬صحية‭ ‬مناسبة‭.‬

لا‭ ‬يعرف‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬معنى‭ ‬العيد،‭ ‬فهم‭ ‬لا‭ ‬يرتدون‭ ‬ثيابًا‭ ‬جديدة،‭ ‬ولا‭ ‬يفرحون‭ ‬بهدايا‭ ‬الصباح،‭ ‬بل‭ ‬يواجهون‭ ‬سياط‭ ‬السجان،‭ ‬وساعات‭ ‬التحقيق‭ ‬الطويلة،‭ ‬والحرمان‭ ‬من‭ ‬العائلة‭.‬

أما‭ ‬الأسيرات‭ ‬الفلسطينيات‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال‭ ‬فهن‭ ‬يتعرضن‭ ‬الى‭ ‬ظروف‭ ‬احتجاز‭ ‬قاسية،‭ ‬حيث‭ ‬تُفرض‭ ‬عليهن‭ ‬إجراءات‭ ‬انتقامية،‭ ‬من‭ ‬العزل‭ ‬الانفرادي‭ ‬إلى‭ ‬الحرمان‭ ‬من‭ ‬الزيارات‭ ‬الطبية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعرضهن‭ ‬للإهانة‭ ‬والمعاملة‭ ‬القاسية،‭ ‬حيث‭ ‬يحتجزن‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬الدامون‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬بالبشر،‭ ‬ويُمنع‭ ‬بعضهن‭ ‬من‭ ‬العلاج،‭ ‬فيما‭ ‬تُحرم‭ ‬الأخريات‭ ‬من‭ ‬أبسط‭ ‬الحقوق‭ ‬مثل‭ ‬الكتب‭ ‬أو‭ ‬الخروج‭ ‬إلى‭ ‬الساحة،‭ ‬وهناك‭ ‬شهادات‭ ‬متكررة‭ ‬عن‭ ‬تعرض‭ ‬الأسيرات‭ ‬للاعتداء‭ ‬الجسدي‭ ‬والنفسي،‭ ‬بهدف‭ ‬كسر‭ ‬إرادتهن‭ ‬وعزيمتهن‭.‬

 

أي‭ ‬عيد‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬يُحرم‭ ‬فيه‭ ‬الأب‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬أطفاله؟‭ ‬وأي‭ ‬عيد‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬تُحرم‭ ‬فيه‭ ‬الأم‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬أبنائها؟‭ ‬وأي‭ ‬بهجة‭ ‬تُرجى‭ ‬وأعمدة‭ ‬السجون‭ ‬تسرق‭ ‬من‭ ‬الأسرى‭ ‬أعمارهم،‭ ‬بل‭ ‬أرواحهم؟‭ ‬العيد‭ ‬عندهم‭ ‬ليس‭ ‬تكبيرات‭ ‬الفجر،‭ ‬بل‭ ‬أصوات‭ ‬السجانين‭ ‬تقطع‭ ‬نومهم‭ ‬القلق،‭ ‬ليس‭ ‬لباسًا‭ ‬جديدًا،‭ ‬بل‭ ‬ثياب‭ ‬مهترئة‭ ‬وأوضاع‭ ‬مأساوية،‭ ‬ليس‭ ‬موائد‭ ‬عامرة،‭ ‬بل‭ ‬وجبات‭ ‬شحيحة‭ ‬لا‭ ‬تسد‭ ‬رمق‭ ‬الجائع‭ ‬ولا‭ ‬تليق‭ ‬بكرامة‭ ‬الإنسان‭.‬

لكن‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الظلم،‭ ‬يظل‭ ‬الأسرى‭ ‬شعلة‭ ‬صمود،‭ ‬يحملون‭ ‬آمال‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬قلوبهم،‭ ‬ويؤمنون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القيد‭ ‬إلى‭ ‬زوال،‭ ‬سنبقى‭ ‬نحمل‭ ‬أصواتهم،‭ ‬وننقل‭ ‬معاناتهم،‭ ‬حتى‭ ‬يتحقق‭ ‬العيد‭ ‬الحقيقي‭ ‬لهم‭: ‬عيد‭ ‬الحرية‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬أحضان‭ ‬من‭ ‬يحبون‭.‬

الحرية‭ ‬لأسرانا‭.. ‬والعدالة‭ ‬لأرواح‭ ‬شهدائنا‭.. ‬والمحاسبة‭ ‬لمن‭ ‬ارتكب‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬بحقهم‭.‬

 

المؤسسة‭ ‬الدولية‭ ‬للتضامن‭ ‬مع‭ ‬الأسرى‭ ‬الفلسطينيين

‭ ‬ ‭            - ‬تضامن‭ -‬