11 مايو 2025
غزة- مدلين خلة - صفا
لم تكن لحظات الحرية التي حظيّ بها الأسير المحرر في صفقة "طوفان الأقصى" معتصم رداد كفيلة بأن يرى نور الشمس ويتمتع بحياة أخرى خارج أسوار السجن، بل كانت رحلة علاج لمرض نهشّ جسده وأبقاه طريح الفراش حتى أُعلن عن استشهاده في جمهورية مصر العربية مبعدًا عن أهله.
19 عامًا من الشوق لأهله ختمّها بالموت غريبًا في بلادٍ لم تقدم له سوى بضع حبات من الدواء تسكن ألم جسده، فكان المرض موت بطيء وصل بفصوله للحلقة الأخيرة.
ومساء الخميس، أعلن مكتب إعلام الأسرى، عن استشهاد المحرر المبعد إلى مصر معتصم رداد (43 عامًا)، من مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة، بعد تدهور حالته الصحية، جراء إصابته بمرض السرطان داخل سجون الاحتلال خلال فترة اعتقاله البالغة 18 عامًا.
جرائم مركبة
والمحرر رداد كان يُعد من أبرز الحالات المرضية في سجون الاحتلال، حيث واجه جرائم طبية مركّبة منذ اعتقاله عام 2006 وحتى الإفراج عنه ضمن المرحلة السابعة من الصفقة في شباط/فبراير الماضي.
ولم يعاني رداد من الإهمال الطبي فحسب، بل تجاوز ذلك التعذيب النفسي والجسدي، لتتفاقم معاناته في سجون الاحتلال، ويتفشى المرض في أنحاء جسده ويأكل أعضاؤه.
يقول شقيقه عمرو رداد لوكالة "صفا": "كان أملنا كبيرًا بأن ينتصر معتصم على المرض ونلتقي به، فهو نزيل في مستشفى مصري منذ لحظة الإفراج عنه".
ويضيف أن "الاحتلال منعني ووالدتي وإخواني من السفر للقائه، فكان التواصل معه فقط عبر الهاتف".
ولم يتمكن أحد من أفراد عائلته من الوصول إليه سوى عمه، الذي كان متواجدًا في الخارج وقت الإفراج عنه، فرافقه في المستشفى منذ لحظة خروجه وحتى استشهاده.
أمل بالشفاء
ويتابع "لقد كان لدينا أمل بأن يتمكن معتصم من تجاوز الانتكاسة التي ألمّت بوضعه الصحي خلال الأيام العشرة الماضية، كما اجتاز غيرها في سجون الاحتلال، لكنه استشهد".
ويؤكد أن مرض السرطان استفحّل في جسد شقيقه، ومن ثم أصيب بجرثومة في الرئتين، لتنتهي بشهادته في واحدة من أصعب القصص المرضية داخل سجون الاحتلال.
وكان معتصم قال في رسالة سربها من داخل السجن أواخر فترة اعتقاله: "معاناتنا كمرضى في السجون لا يمكن تصورها بأي شكل من الأشكال، نحن نموت يوميًا. نحن محتجزون في زنازين، ومحاصرون بالجوع والعطش والقمع والتنكيل والتعذيب، ومحرومون من أدنى شروط الرعاية الصحيّة."
وأضاف "كلمتي الأخيرة، إن كتب الله لي الشهادة في السّجن، لا أريد من أحد أن يطالب بجثماني، فمن تركني أموت داخل السجون لا يحق له المطالبة بجثماني".
وخلال الأشهر الأخيرة من اعتقاله، تعرض الشهيد رداد لعمليات تنكيل ممنهجة، كان الهدف منها قتله.
وجرى قمعه ونقله من "عيادة سجن الرملة" إلى سجن "عوفر" واحتُجز داخل زنزانة لا تتوفر فيها أدنى شروط الحياة الآدمية، ما فاقم من تدهور حالته الصحية.