عماد الدين أبو الهيجا (36 عامًا)، متزوّج وأب لأربعة، من سكّان السّاوية في محافظة نابْلُس

  

بتسيلم - 25/3/2024

اعتُقلتُ في 1.3.22 حين دهمت قوّة من الجيش الإسرائيليّ منزلنا واقتادتني إلى مركز الاعتقال في حوّارة. احتجزوني هناك طوال ثمانية أيّام. في اليوم الثالث بعد اعتقالي قال لي ضابط "الشاباك" في حوّارة إنّهم قد أصدروا بحقّي أمر اعتقال إداريّ لمدّة ستّة أشهر. بعد ذلك نقلوني من حوّارة لاعتقالي في سجن "مجيدو".

بعد ستّة أشهُر أمضيتُها معتقلًا في سجن "مجيدو" نقلوني إلى سجن النقب، حيث أدخلوني إلى غرفة فيها خمسة أسرى آخرين. كانت ظروف السّجن هناك عاديّة: كنّا نخرج إلى السّاحة من الصّباح حتّى الظهر، نعدّ الطعام بأنفسنا ونشتري احتياجاتنا من "الكانتينة".

احتجزوني رهن الاعتقال الإداريّ لمدّة سنتين، في المجمل. كلّما انتهت الفترة المحدّدة في أمر الاعتقال كانوا يمدّدون لفترات مختلفة في كلّ مرّة. حدث ذلك ستّ مرّات. في المرّة الأخيرة مدّدوا الاعتقال الإداري 80 يومًا، وعندما انتهت المدّة أفرجوا عنّي في 15.3.24.

ثمّ جاء 7 أكتوبر. في ذلك اليوم أغلق السجّانون منذ ساعات الصباح جميع الزنازين وعزلوا الأقسام عن بعضها البعض. لم يسمحوا لأيّ معتقل بأن يخرج من الزنزانة أو يتنقّل بين الأقسام

طوال فترة الاعتقال زارتني زوجتي مرّة واحدة، عندما كنت في سجن "مجيدو". طلبت منها ألا تأتي بعد ذلك لزيارتي، بسبب المَهانة التي يتعرّض لها الزائرون على يد سلطات السّجون، مثال التفتيش الجسديّ والانتظار لأوقات طويلة وغير ذلك.

ثمّ جاء 7 أكتوبر.

في ذلك اليوم أغلق السجّانون منذ ساعات الصباح جميع الزنازين وعزلوا الأقسام عن بعضها البعض. لم يسمحوا لأيّ معتقل بأن يخرج من الزنزانة أو يتنقّل بين الأقسام. كنّا نعرف أنّ سبب ذلك هو هجوم حماس على غلاف غزّة.

بعد مضيّ أسبوع، في 14.10.23، شرعوا في سلسلة من الخطوات الانتقاميّة ضدّ الأسرى. بدأ ذلك عندما أخرجونا جميعًا من الزنازين، وأوقفونا في الخارج، بينما قام السجّانون بإجراء تفتيش فيها. أثناء وقوفنا في الخارج انهال علينا السجّانون ضربًا وركلًا. عندما انتهى التفتيش أعادونا إلى زنازين أخرى غير تلك التي كنّا فيها من قبل.

كلّما أخرجونا لكي يُجروا تفتيشًا في الزنازين كان السجّانون ينهالون علينا ضربًا وركلًا ولكمًا

نقل الأسرى من زنزانة إلى زنزانة تكرّر مرارًا. كانوا يُخرجوننا من الزنازين ثلاث مرّات في الأسبوع تقريبًا، وفي أيّام مختلفة. كلّما أخرجونا لكي يُجروا تفتيشًا في الزنازين كان السجّانون ينهالون علينا ضربًا وركلًا ولكمًا.

منذ 7 أكتوبر قطعت إدارة السّجن الكهرباء عن الزنازين والأقسام. استمرّ الوضع على هذه الحال إلى يوم الإفراج عنّي.

إضافة إلى ذلك، صادروا أغراض الأسرى: إبريق التسخين الكهربائيّ، بلاطة الطبخ، والملابس. أبقوا لنا الملابس التي كنّا نرتديها فقط.

حتى 7 أكتوبر كنّا 5 أسرى في كلّ زنزانة. بعد ذلك أدخلوا 10 أسرى آخرين وزجّونا 15 في زنزانة واحدة.

بعض الأسرى يعانون أمراضًا مُزمنة ويحتاجون أدوية. في الماضي كانت إدارة السّجن توفّر لهم الأدوية، لكن بعد 7 أكتوبر توقّفوا عن جلب الأدوية لهُم. كانت تلك خطوة انتقاميّة وعقابًا جماعيًّا.

كذلك صار السجّانون يهينون الأسرى ويمسّون كرامتهم. لدى إخراجهم أسيرًا من الزنزانة كانوا يعصبون عينيه ويُجبرونه على السّير منحنيًا وعلى رفع يديه فوق رأسه، فيمشي على هذا النحو دون أن يرى شيئًا، فيما كان السجّانون يُمطرونه بالشتائم.

حتى 7 أكتوبر كان الأسرى يعدّون الطعام بأنفسهم في مطبخ السّجن لجميع الأسرى. بعد ذلك مُنع هذا الأمر وصارت إدارة السّجن توزّع طعامًا رديئًا إلى درجة مُهينة وبكميّات قليلة. على سبيل المثال، الطعام المخصّص لكلّ أسير ليوم بطوله: 7 ملاعق أرزّ، بيضة مسلوقة أو قطعة سجق واحدة، علبة لبن سعة 50 ملغم، حبّة بندورة أو خيارة أو فلفل أخضر، 3 ملاعق فاصولياء مسلوقة أو صحن عدس صغير و7 قطع خبز. كان كلّ أسير مجبرًا على الاكتفاء بهذه الكميّة. وكانوا يعاقبوننا على أمور لم نقم بها.

فقدت عشرات الكيلوغرامات من وزني بسبب رداءة الطعام وقلّته بعد 7 أكتوبر

عندما اعتقلوني، في 1.3.22، كان وزني 91 كغم. وفي يوم الإفراج عنّي، 3.24،15، زنتُ جسمي وفوجئت بأنّ وزني 55 كغم فقط! فقدت عشرات الكيلوغرامات من وزني بسبب رداءة الطعام وقلّته بعد 7 أكتوبر.

منذ 7 أكتوبر لم نحصل أيضًا على ملح وسكّر. الحرمان منهُما غايته إلحاق الأذى بصحّتنا، وهو مستمرّ حتى الآن على حدّ علمي. عندما أطلقوا سراحي في حاجز "ميتار"، جنوبيّ الخليل، كان أصدقائي ينتظرونني في الجهة الأخرى وأعطوني حلوى لآكلها. عندما أكلتها أحسست بتعب شديد وغبت عن الوعي. استيقظت في المستشفى الحكوميّ في رام الله، وقد علمت أنّهم أخذوني إلى هناك بسيّارة إسعاف. أوضح لي الأطبّاء أنّ هذا حدث عندما تناولت الحلوى بعد أن حُرمت من السكّريّات لفترة طويلة.

* هذه الإفادة سجّلها باحث بتسيلم الميدانيّ عبد الكريم السّعدي في 25.3.24.